responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 52
فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى عُمُومِ النَّظَرِ دُونَ النِّيَابَةِ فَكَانَ بِوِلَايَةِ الْعَهْدِ أَخَصَّ؛ فَلَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ الْوَزَارَةُ، فَإِنْ اقْتَصَرَ بِهِ عَلَى النِّيَابَةِ فَقَدْ أَبْهَمَ مَا اسْتَنَابَهُ فِيهِ مِنْ عُمُومٍ وَخُصُوصٍ أَوْ تَنْفِيذٍ وَتَفْوِيضٍ فَلَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ الْوَزَارَةُ، وَإِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا انْعَقَدَتْ وَتَمَّتْ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا يَكُونُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ بِأَحْكَامِ الْعُقُودِ أَخَصُّ أَنْ يَقُولَ: قَدْ قَلَّدْتُكَ مَا إلَيَّ نِيَابَةً عَنِّي، فَتَنْعَقِدُ بِهِ الْوَزَارَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَمَعَ لَهُ بَيْنَ عُمُومِ النَّظَرِ وَالِاسْتِنَابَةِ فِي النَّظَرِ، فَإِنْ قَالَ لَهُ: نُبْ عَنِّي فِيمَا إلَيَّ، احْتَمَلَ أَنْ تَنْعَقِدَ بِهِ الْوَزَارَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَمَعَ لَهُ فِي هَذَا اللَّفْظِ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ: عُمُومِ النَّظَرِ وَالِاسْتِنَابَةِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا تَنْعَقِدَ بِهِ الْوَزَارَةُ؛ لِأَنَّهُ إذْنٌ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَتَقَدَّمَهُ عَقْدٌ، وَالْإِذْنُ فِي أَحْكَامِ الْعُقُودِ لَا تَصِحُّ بِهِ الْعُقُودُ، وَلَكِنْ لَوْ قَالَ: قَدْ اسْتَنَبْتُكَ فِيمَا إلَيَّ، انْعَقَدَتْ بِهِ الْوَزَارَةُ؛ لِأَنَّهُ عَدَلَ عَنْ مُجَرَّدِ الْإِذْنِ إلَى أَلْفَاظِ الْعُقُودِ.
وَلَوْ قَالَ: اُنْظُرْ فِيمَا إلَيَّ, لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ الْوَزَارَةُ؛ لِاحْتِمَالِهِ أَنْ يَنْظُرَ فِي تَصَفُّحِهِ أَوْ فِي تَنْفِيذِهِ أَوْ فِي الْقِيَامِ بِهِ، وَالْعَقْدُ لَا يَنْبَرِمُ بِلَفْظٍ مُحْتَمَلٍ حَتَّى يَصِلَهُ بِمَا يَنْفِي عَنْهُ الِاحْتِمَالَ، وَلَيْسَ يُرَاعَى فِيمَا يُبَاشِرُهُ الْخُلَفَاءُ وَمُلُوكُ الْأُمَمِ مِنْ الْعُقُودِ الْعَامَّةِ مَا يُرَاعَى فِي الْخَاصَّةِ مِنَ الشُّرُوطِ الْمُؤَكِّدَةِ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إنَّ مِنْ عَادَتِهِمْ الِاكْتِفَاءُ بِيَسِيرِ الْقَوْلِ عَنْ كَثِيرِهِ، فَصَارَ ذَلِكَ فِيهِمْ عُرْفًا مَخْصُوصًا، وَرُبَّمَا اسْتَثْقَلُوا الْكَلَامَ فَاقْتَصَرُوا عَلَى الْإِشَارَةِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي الشَّرْعِ حُكْمٌ لِنَاطِقٍ سَلِيمٍ، فَكَذَلِكَ خَرَجَتْ بِالشَّرْعِ مِنْ عُرْفِهِمْ.
وَالثَّانِي: إنَّهُمْ لِقِلَّةِ مَا يُبَاشِرُونَهُ مِنَ الْعُقُودِ تُجْعَلُ شَوَاهِدُ الْحَالِ فِي تَأَهُّبِهِمْ لَهَا مُوجِبًا لِحَمْلِ لَفْظِهِمْ الْمُجْمَلِ عَلَى الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ دُونَ الِاحْتِمَالِ الْمُجَرَّدِ، فَهَذَا وَجْهٌ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ بعُرْفِ الْمَنْصِبِ أَشْبَهُ أَنْ يَقُولَ: قَدْ اسْتَوْزَرْتُكَ تَعْوِيلًا عَلَى نِيَابَتِكَ، فَتَنْعَقِدُ بِهِ هَذِهِ الْوَزَارَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ عُمُومِ النَّظَرِ فِيمَا إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: اسْتَوْزَرْتُكَ؛ لِأَنَّ نَظَرَ الْوَزَارَةِ عَامٌّ، وَبَيَّنَ النِّيَابَةِ بِقَوْلِهِ: تَعْوِيلًا عَلَى نِيَابَتِكَ، فَخَرَجَتْ عَنْ وَزَارَةِ التَّنْفِيذِ إلَى وَزَارَةِ التَّفْوِيضِ.
وَلَوْ قَالَ: قَدْ فَوَّضْتُ إلَيْكَ وَزَارَتِي، احْتَمَلَ أَنْ تَنْعَقِدَ بِهِ هَذِهِ الْوَزَارَةُ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ التَّفْوِيضِ

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 52
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست