اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي الجزء : 1 صفحة : 324
والسادس: أنه يجوز للأمير إحلاف المتهوم استبراء لحاله، وتغليظًا عليه في الكشف عن أمره في التهمة بحقوق الله تعالى وحقوق الآدميين، ولا يضيق عليه أن يجعله بالطلاق والعتاق والصدقة كالإيمان بالله في البيعة السلطانية[1]، وليس للقضاة إحلاف أحد على غير حق، ولا أن يجاوز الإيمان بالله إلى الطلاق أو العنق.
والسابع: أن للأمير أن يأخذ أهل الجرائم بالتوبة إجبارًا، ويظهر من الوعيد عليهم ما يقودهم إليها طوعًا، ولا يضيق عليهم الوعيد بالقتل فيما لا يجب فيه القتل؛ لأنه وعيد إرهاب يخرج عن حد الكذب إلى حيز التعزيز والأدب، ولا يجوز أن يحقق وعيده بالقتل، فيقتل فيما لا يجب فيه القتل.
والثامن: أنَّه لا يجوز للأمير أن يسمع شهادات أهل الملل، ومن لا يجوز أن يسمع منه القضاة إذا كثر عددهم.
والتاسع: أن للأمير النظر في المواثبات، وإن لم توجد غرمًا ولا حدًّا، فإن لم يكن بواحد منهما أثر سمع قول من سبق بالدعوى، وإن كان بأحدهما أثر فقد ذهب بعضهم إلى أنه يبدأ بسماع دعوى من به الأثر ولا يراعي السبق. والذي عليه أكثر الفقهاء أنَّه يسمع قول أسبقهما بالدعوى، ويكون المبتدئ بالمواثبة[2] أعظمهما جرمًا وأغلظهما تأديبًا، ويجوز أن يخالف بينهما في التأديب من وجهين:
أحدهما: بحسب اختلافهما في الاقتراف والتعدي.
والثاني: بحسب اختلافهما في الهيبة والتصاون، وإذا رأى من الصلاح في ردع السفلة أن يشهّرهم وينادي عليهم بجرائمهم ساغ له ذلك، فهذه أوجه يقع بها الفرق في الجرائم بين نظر الأمراء والقضاة في حال الاستبراء وقبل ثبوت الحد لاختصاص الأمير بالسياسة، واختصاص القضاة بالأحكام. [1] قال المرداوي: لا يحلف بطلاق، ذكره الشيخ تقي الدين -رحمه الله- وفاقًا للأئمة الأربعة -رحمهم الله تعالى، وحكاه ابن عبد البر -رحمه الله- إجماعًا. [الإنصاف: 21/ 124] . [2] المواثبة: المصاولة. [الفائق ص 334] .
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي الجزء : 1 صفحة : 324