responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 26
الْأُمَّةِ الدُّخُولُ فِي بَيْعَتِهِ وَالِانْقِيَادُ لِطَاعَتِهِ، وَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الْإِمَامَةِ وَلَمْ يُجِبْ إلَيْهَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُرَاضَاةٍ وَاخْتِيَارٍ لَا يَدْخُلُهُ إكْرَاهٌ وَلَا إجْبَارٌ، وَعُدِلَ عَنْهُ إلَى مَنْ سِوَاهُ مِنْ مُسْتَحِقِّيهَا.
فَلَوْ تَكَافَأَ فِي شُرُوطِ الْإِمَامَةِ اثْنَانِ قُدِّمَ لَهَا اخْتِيَارًا أَسَنُّهُمَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ زِيَادَةُ السِّنِّ مَعَ كَمَالِ الْبُلُوغِ شَرْطًا، فَإِنْ بُويِعَ أَصْغَرُهُمَا سِنًّا جَازَ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْلَمَ وَالْآخَرُ أَشْجَعَ رُوعِيَ فِي الِاخْتِيَارِ مَا يُوجِبُهُ حُكْمُ الْوَقْتِ، فَإِنْ كَانَتْ الْحَاجَةُ إلَى فَضْلِ الشَّجَاعَةِ أَدْعَى لِانْتِشَارِ الثُّغُورِ وَظُهُورِ الْبُغَاةِ كَانَ الْأَشْجَعُ أَحَقَّ، وَإِنْ كَانَتِ الْحَاجَةُ إلَى فَضْلِ الْعِلْمِ أَدْعَى لِسُكُونِ الدَّهْمَاءِ وَظُهُورِ أَهْلِ الْبِدَعِ كَانَ الْأَعْلَمُ أَحَقَّ، فَإِنْ وَقَفَ الِاخْتِيَارُ عَلَى وَاحِدٍ مِنِ اثْنَيْنِ فَتَنَازَعَاهَا، فَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إنَّ التَّنَازُعَ فِيهَا لَا يَكُونُ قَدْحًا مَانِعًا.
وَلَيْسَ طَلَبُ الْإِمَامَةِ مَكْرُوهًا، فَقَدْ تَنَازَعَ فِيهَا أَهْلُ الشُّورَى، فَمَا رُدَّ عَنْهَا طَالِبٌ، وَلَا مُنِعَ مِنْهَا رَاغِبٌ، وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يُقْطَعُ بِهِ تَنَازُعُهُمَا مَعَ تَكَافُؤِ أَحْوَالِهِمَا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَيُقَدَّمُ مَنْ قَرَعَ مِنْهُمَا.
وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ يَكُونُ أَهْلُ الِاخْتِيَارِ بِالْخِيَارِ فِي بَيْعَةِ أَيِّهِمَا شَاءُوا1 مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ، فلو

أقول: ويمكن الجمع بين قول من يقول باختيار من يمثل الأمة عن طريق أهل الحل والعقد، وبين من يرون الاختيار المباشر عن طريق الأمة، وذلك أن يتمّ الترشيح الأوليّ عن طريق أهل الحل والعقد الذين يستطيعون إنزال الناس منازلهم، ثم يعرض هذا الترشيح على الأمَّة لتختار من هذه الترشيحات ما تريد.
2 قلت: بل يرجع في ذلك إلى رأي الأمَّة لتختار من يتولَّى هذا المنصب الجليل، فالشعب وحده هو صاحب الحقِّ في اختيار الحاكم، ولا يحقّ لأحد مهما بلغت قوته ونفوذه الافتئات على الشعب، فيقوم باختيار الحاكم وتوليته من تلقاء نفسه، ومن يفعل ذلك فقد تعدَّ حدوده وخان هذه الأمة.
ولعلَّ هذا ما لفت إليه الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وأرضاه الأنظار حين سمع من يقول: لو مات أمير المؤمنين لبايعت فلانًا، فقال عمر معترضًا ومؤكدًا على مبدأ سيادة الشعب: "إني لقائم العشية في الناس فمحذّرهم من هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغصبوا الناس أمرهم".
غير أنَّ هناك من يرى أنَّ أهل الشورى الذين يُنَاط بهم اختيار الحاكم هم أهل الحل والعقد وحدهم وليس عامَّة الشعب، ومن هؤلاء المعتزلة الذين يرون أنَّ العامة لا تصلح لذلك، وها هو ذا أحد مفكريهم يقول: "إنَّ العامة لا تعرف معنى الإمامة ولا تأويل الخلافة، ولا تفصل بين فضل وجودها =
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 26
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست