responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 251
الدُّخُولُ إلَيْهَا لِمَنَافِعِ أَهْلِهَا؛ كَالْحَطَّابِينَ وَالسَّقَّايِينَ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مِنْهَا غُدْوَةً وَيَعُودُونَ إلَيْهَا عَشِيَّةً، فَيَجُوزُ لَهُمْ دُخُولُهَا مُحَلِّينَ لِدُخُولِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ فِي الْإِحْرَامِ كُلَّمَا دَخَلُوا، فَإِنَّ عُلَمَاءَ مَكَّةَ أَقَرُّوهُمْ عَلَى دُخُولِهَا مُحَلِّينَ، فَخَالَفُوا حُكْمَ مَنْ عَدَاهُمْ، فَإِنْ دَخَلَ الْقَادِمُ إلَيْهَا حَلَالًا فَقَدْ أَثِمَ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا دَمَ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ مُتَعَذَّرٌ، فَإِنَّهُ إذَا خَرَجَ لِلْقَضَاءِ كَانَ إحْرَامُهُ الَّذِي يَسْتَأْنِفُهُ مُخْتَصًّا بِدُخُولِهِ الثَّانِي، فَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ قَضَاءً عَنْ دُخُولِهِ الْأَوَّلِ، فَتَعَذَّرَ الْقَضَاءُ وَأَعْوَزَ فَسَقَطَ، فَأَمَّا الدَّمُ فَلَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الدَّمَ يَلْزَمُ جُبْرَانَ النُّسُكِ، وَلَا يَلْزَمُ جُبْرَانًا لِأَصْلِ النُّسُكِ.
وَالْحُكْمُ الثَّانِي: أَنْ لَا يُحَارَبَ أَهْلُهَا؛ لِتَحْرِيمِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قِتَالَهُمْ، فَإِنْ بَغَوْا عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ فَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إلَى تَحْرِيمِ قِتَالِهِمْ مَعَ بَغْيِهِمْ، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَرْجِعُوا عَنْ بَغْيِهِمْ، وَيَدْخُلُوا فِي أَحْكَامِ أَهْلِ الْعَدْلِ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ عَلَى بَغْيِهِمْ إذَا لَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُمْ عَنِ الْبَغْيِ إلَّا بِقِتَالٍ؛ لِأَنَّ قِتَالَ أَهْلِ الْبَغْيِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تعالى الَّتِي لَا يَجُوزُ أَنْ تُضَاعَ؛ وَلَأَنْ تَكُونَ مَحْفُوظَةً فِي حَرَمِهِ أَوْلَى مِنْ أَنْ تَكُونَ مُضَاعَةً فِيهِ.
فَأَمَّا إقَامَةُ الْحُدُودِ فِي الْحَرَمِ: فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- إلَى أَنَّهَا تُقَامُ فِيهِ عَلَى مَنْ أَتَاهَا، وَلَا يَمْنَعُ الْحَرَمُ مِنْ إقَامَتِهَا، سَوَاءٌ أَتَاهَا فِي الْحَرَمِ أَوْ فِي الْحِلِّ ثُمَّ لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ أَتَاهَا فِي الْحَرَمِ أُقِيمَتْ فِيهِ، وَإِنْ أَتَاهَا فِي الْحِلِّ ثُمَّ لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ فِيهِ، وَأُلْجِئَ إلَى الْخُرُوجِ مَعَهُ، فَإِذَا خَرَجَ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ.
وَالْحُكْمُ الثَّالِثُ: تَحْرِيمُ صَيْدِهِ عَلَى الْمُحْرِمِينَ وَالْمُحِلِّينَ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ وَمَنْ طَرَأَ إلَيْهِ، فَإِنْ أَصَابَ فِي صَيْدِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ، فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ بِالْجَزَاءِ كَالْمُحْرِمِ، وَهَكَذَا لَوْ رَمَى مِنَ الْحَرَمِ صَيْدًا فِي الْحِلِّ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ فِي الْحَرَمِ. وَهَكَذَا لَوْ رَمَى مِنَ الْحِلِّ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ مَقْتُولٌ فِي الْحَرَمِ. وَلَا صَيْدَ فِي الْحِلِّ ثُمَّ أُدْخِلَ الْحَرَمَ كَانَ حَلَالًا لَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ، وَحَرَامًا عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَا يَحْرُمُ قَتْلُ مَا كَانَ مُؤْذِيًا مِنَ السِّبَاعِ وَحَشَرَاتِ الْأَرْضِ.
وَالْحُكْمُ الرَّابِعُ: يَحْرُمُ قَطْعُ شَجَرِهِ الَّذِي أَنْبَتَهُ اللَّهُ تعالى، وَلَا يَحْرُمُ قَطْعُ مَا غَرَسَهُ الْآدَمِيُّونَ، كَمَا لَا يَحْرُمُ فِيهِ ذَبْحُ الْأَنِيسِ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَلَا يَحْرُمُ رَعْيُ خَلَاهُ، وَيَضْمَنُ مَا قَطَعَهُ

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 251
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست