responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 205
الْأَعْرَابِيِّ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ، غَيْرَ أَنَّ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا، إمَّا لِأَجْلِ شِعْرِهِ الَّذِي اسْتَزَلَّهُ فِيهِ، وَإِمَّا لِأَنَّ الصَّدَقَةَ مَصْرُوفَةٌ فِي جِيرَانِهَا، وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ، وَكَانَ مِمَّا نَقَمَهُ النَّاسُ عَلَى عُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنْ جَعَلَ كُلَّ الصِّلَاتِ مِنْ مَالِ الْفَيْءِ وَلَمْ يَرَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ.
وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ ذُكُورَ أَوْلَادِهِ مَالَ الْفَيْءِ[1]؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِهِ، فَإِنْ كَانُوا صِغَارًا كَانُوا فِي إعْطَاءِ الذَّرَارِيِّ مِنْ ذَوِي السَّابِقَةِ وَالتَّقَدُّمِ، وَإِنْ كَانُوا كِبَارًا فَفِي إعْطَاءِ الْمُقَاتِلَةِ مِنْ أَمْثَالِهِمْ.
حَكَى ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما- لَمَّا بَلَغَ أَتَى أَبَاهُ عُمَرُ بْن الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَسَأَلَهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهُ، فَفَرَضَ لَهُ فَيْءَ أَلْفَيْنِ، ثُمَّ جَاءَ غُلَامٌ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ قَدْ بَلَغَ، فَسَأَلَهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهُ، فَفَرَضَ لَهُ فَيْءَ ثَلَاثَةِ آلَافٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَرَضْتَ لِي فَيْءَ أَلْفَيْنِ وَفَرَضْتَ لِهَذَا فَيْءَ ثَلَاثَةِ آلَافٍ، وَلَمْ يَشْهَدْ أَبُو هَذَا مَا قَدْ شَهِدْتُ، قَالَ: أَجَلْ، لَكِنِّي رَأَيْتُ أَبَا أُمِّكَ يُقَاتِلُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَأَيْتُ أَبَا أُمِّ هَذَا يُقَاتِلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِلْأُمِّ أَكْثَرُ مِنَ الْأَلْفِ.
وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ أَوْلَادَهُ مِنْ مَالِ الْفَيْءِ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ ذُرِّيَّتِهِ الدَّاخِلِينَ فِي عَطَائِهِ، وَأَمَّا عَبِيدُهُ وَعَبِيدُ غَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُقَاتِلَةً فَنَفَقَاتُهُمْ فِي مَالِهِ وَمَالِ سَادَاتِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا مُقَاتِلَةً فَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَفْرِضُ لَهُمْ فِي الْعَطَاءِ، وَلَمْ يَفْرِضْ لَهُمْ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَالشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- يَأْخُذُ فِيهِمْ بِقَوْلِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَلَا يَفْرِضُ لَهُمْ فِي الْعَطَاءِ، وَلَكِنْ تُزَادُ سَادَاتُهُمْ فِي الْعَطَاءِ لِأَجْلِهِمْ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْعَطَاءِ مُعْتَبَرَةٌ بِحَالِ الذُّرِّيَّةِ؛ فَإِنْ عَتَقُوا جَازَ أَنْ يَفْرِضَ لَهُمْ فِي الْعَطَاءِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَفْرِضَ لِنُقَبَاءِ أَهْلِ الْفَيْءِ فِي عَطَايَاهُمْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَفْرِضَ لِعُمَّالِهِمْ؛ لِأَنَّ النُّقَبَاءَ مِنْهُمْ وَالْعُمَّالَ يَأْخُذُونَ أَجْرًا عَلَى عَمَلِهِمْ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَامِلُ الْفَيْءِ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَامِلُ الصَّدَقَاتِ مِنْهُمَا إذَا أَرَادَ سَهْمَهُ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ؛ لِأَنَّ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَاتُ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْفَيْءُ، وَلَا يَجُوزُ لِعَامِلِ الْفَيْءِ أَنْ يَقْسِمَ مَا جَبَاهُ إلَّا بِإِذْنِ.
وَيَجُوزُ لِعَامِلِ الصَّدَقَاتِ أَنْ يَقْسِمَ مَا جَبَاهُ بِغَيْرِ إذْنٍ مَا لَمْ يُنْهَ عَنْهُ، لِمَا

[1] قلت: أما أن يعطوا من مال الفيء كغيرهم فنعم، أمَّا أن يعطوا مال الفيء كما قال المصنّف فلا، بل إنَّ الحكام مطالبون بالابتعاد عن كل ما فيه شبهة ومحاباة.
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 205
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست