اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي الجزء : 1 صفحة : 189
وَإِذَا مَلَكَ الذِّمِّيُّ أَرْضَ عُشْرٍ فَزَرَعَهَا، فَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهَا، فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهُ لَا عُشْرَ فِيهَا عَلَيْهِ وَلَا خَرَاجَ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُوضَعُ عَلَيْهَا الْخَرَاجُ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهَا بِإِسْلَامِهِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُؤْخَذُ مِنْهَا ضِعْفُ الصَّدَقَةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنَ الْمُسْلِمِ، فَإِذَا أَسْلَمَ سَقَطَ عَنْهَا مُضَاعَفَةُ الصَّدَقَةِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْهَا صَدَقَةُ الْمُسْلِمِ وَلَا تُضَاعَفَ[1].
وَإِذَا زَرَعَ الْمُسْلِمُ أَرْضَ خَرَاجٍ أُخِذَ مِنْهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عُشْرُ الزَّرْعِ مَعَ خَرَاجِ الْأَرْضِ، وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ مَعَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَاقْتَصَرَ عَلَى أَخْذِ الْخَرَاجِ وَحْدَهُ، وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضَ خَرَاجٍ عَلَى مُؤَجِّرِهَا وَالْعُشْرُ عَلَى مُسْتَأْجِرِهَا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: عُشْرُ الزَّرْعِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَكَذَلِكَ الْمُعْمِرِ؛ فَهَذِهِ الْأَمْوَالُ الثَّلَاثَةُ كُلُّهَا أَمْوَالٌ ظَاهِرَةٌ. [1] قال ابن قدامة المقدسي من الحنابلة: وما وقفه الإمام فهو مخير بين إقرار أهله فيه بالخراج وبين إجلائهم وجلب غيرهم؛ لأن الأرض قد ملكت عليهم، فأمَّا ما جلي عنها أهلها خوفًا من المسلمين فتصير وقفًا بنفس الظهور عليها؛ لأنها ليست غنيمة فتقسم، وعنه لا تصير وقفًا حتى يقفها الإمام؛ لأن الوقف لا يثبت بنفسه، وحكمها حكم العنوة إذا وقفت، وكذلك الحكم فيما صالحونا عليه، على أن الأرض للمسلمين، وتقر في أيديهم بالخروج، فأما إن صالحناهم على أن الأرض لهم ولنا عليها الخراج فهذه ملك لأربابها متى أسلموا سقط عنهم؛ لأنه بمنزلة الجزية فيسقط بالإسلام كالجزية، ولهم بيعها والتصرف فيها، وإن انتقلت إلى مسلم لم يؤخذ خراجها لما ذكرناه. [الكافي في فقه ابن حنبل: 4/ 329] .
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي الجزء : 1 صفحة : 189