responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 185
وَإِذَا كَانَ وَالِي الصَّدَقَاتِ مِنْ عُمَّالِ التَّفْوِيضِ أَخَذَهَا فِيمَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ عَلَى رَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ، لَا عَلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ، وَلَا عَلَى اجْتِهَادِ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ، وَلَمْ يَجُزْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى قَدْرِ مَا يَأْخُذُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ عُمَّالِ التَّنْفِيذِ عَمِلَ فِيمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ دُونَ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ، وَلَمْ يَجُزْ لِهَذَا الْعَامِلِ أَنْ يَجْتَهِدَ، وَلَزِمَ الْإِمَامَ أَنْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى الْقَدْرِ الْمَأْخُوذِ، وَيَكُونَ رَسُولًا فِي الْقَبْضِ مُنَفِّذًا لِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ، فَعَلَى هَذَا إنْ كَانَ هَذَا الْعَامِلُ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا جَازَ، فَإِنْ كَانَ فِي زَكَاةٍ عَامَّةٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ فِيهَا وِلَايَةً لَا يَصِحُّ ثُبُوتُهَا مَعَ الْكُفْرِ وَالرِّقِّ، وَإِنْ كَانَ فِي زَكَاةٍ خَاصَّةٍ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ فِي مَالٍ قَدْ عَرَفَ مَبْلَغَ أَصْلِهِ وَقَدْرَ زَكَاتِهِ جَازَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَأْمُورُ بِقَبْضِهِ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا؛ لِأَنَّهُ تَجَرَّدَ مِنْ حُكْمِ الْوِلَايَةِ وَتَخَصَّصَ بِأَحْكَامِ الرِّسَالَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي مَالٍ لَمْ يَعْرِفْ مَبْلَغَهُ وَلَا قَدْرَ زَكَاتِهِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ بِقَبْضِهِ ذِمِّيًّا؛ لِأَنَّهُ اُؤْتُمِنَ عَلَى مَالٍ لَا يُعْمَلُ فِيهِ عَلَى خَبَرِهِ، وَجَازَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا؛ لِأَنَّ خَبَرَ الْعَبْدِ مَقْبُولٌ.
وَإِذَا تَأَخَّرَ عَامِلُ الصَّدَقَاتِ عَنْ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ بَعْدَ وُجُوبِ زَكَاتِهِمْ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ وُرُودِ عَمَلِهِ وَتَشَاغُلِهِ بِغَيْرِهِمْ انْتَظَرُوهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا إلَّا مِنْ طَائِفَةٍ بَعْدَ طَائِفَةٍ، وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ جَمِيعِهِمْ وَتَجَاوَزَ الْعُرْفَ فِي وَقْتِ زَكَاتِهِمْ أَخْرَجُوهَا بِأَنْفُسِهِمْ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِدَفْعِهَا إلَيْهِ مَشْرُوطٌ بِالْمُكْنَةِ، وَسَاقِطٌ مَعَ عَدَمِ الْإِمْكَانِ، وَجَازَ لِمَنْ يَتَوَلَّى إخْرَاجَهَا مِنْ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا عَلَى اجْتِهَادِهِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ اسْتَفْتَى مِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ يَأْخُذُ بِقَوْلِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَفْتِيَ غَيْرَهُ، وَإِنْ اسْتَفْتَى فَقِيهَيْنِ فَأَفْتَاهُ أَحَدُهُمَا بِإِيجَابِهَا، وَأَفْتَاهُ الْآخَرُ بِإِسْقَاطِهَا، أَوْ أَفْتَاهُ أَحَدُهُمَا بِقَدْر، ٍ وَأَفْتَاهُ الْآخَرُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ، فَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا يَعْمَلُ بِهِ مِنْهُمَا، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ يَأْخُذُ بِأَغْلَظِ الْقَوْلَيْنِ حُكْمًا، وَقَالَ آخَرُونَ: يَكُونُ مُخَيَّرًا فِي الْأَخْذِ بِقَوْلِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا.
فَلَوْ حَضَرَ الْعَامِلُ بَعْدَ أَنْ عَمِلَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى اجْتِهَادِ نَفْسِهِ أَوْ اجْتِهَادِ مَنِ اسْتَفْتَاهُ، وَكَانَ اجْتِهَادُ الْعَامِلِ مُؤَدِّيًا إلَى إيجَابِ مَا أَسْقَطَهُ، أَوْ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا أَخْرَجَهُ، كَانَ اجْتِهَادُ الْعَامِلِ أَمْضَى إنْ كَانَ وَقْتُ الْإِمْكَانِ بَاقِيًا، وَاجْتِهَادُ رَبِّ الْمَالِ أَنْفَذَ إنْ كَانَ وَقْتُ الْإِمْكَانِ فَائِتًا، وَلَوْ أَخَذَ الْعَامِلُ الزَّكَاةَ بِاجْتِهَادِهِ، وَعَمِلَ فِي وُجُوبِهَا، وَأَسْقَطَهَا عَلَى رَأْيِهِ، وَأَدَّى اجْتِهَادُ رَبِّ الْمَالِ إلَى إيجَابِ مَا أَسْقَطَهُ، أَوْ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا أَخَذَهُ، لَزِمَ رَبُّ الْمَالِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 185
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست