اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي الجزء : 1 صفحة : 169
ثَمَانِينَ آيَةً يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ يَصْنَعُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ، يَقْرَأُ فِي قِيَامِهَا وَيُسَبِّحُ فِي رُكُوعِهَا بِثُلُثَيْ مَا قَرَأَ أَوْ سَبَّحَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدَهَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَيُصَلِّي لِخُسُوفِ الْقَمَرِ كَصَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ جَهْرًا؛ لِأَنَّهَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُصَلِّي لِخُسُوفِ الْقَمَرِ كَصَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ[1].
فَأَمَّا صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ: فَمَذْهُوبٌ إلَيْهَا عِنْدَ انْقِطَاعِ الْمَطَرِ وَخَوْفِ الْجَدْبِ يَتَقَدَّمُ مَنْ قُلِّدَهَا بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَبْلَهَا، وَالْكَفِّ فِيهَا عَنِ التَّظَالُمِ وَالتَّخَاصُمِ، وَيُصْلِحُ فِيهَا بَيْنَ الْمُتَشَاجِرَيْنِ وَالْمُتَخَاصَمِينَ وَالْمُتَهَاجِرَيْنِ، وَهِيَ كَصَلَاةِ الْعِيدِ فِي وَقْتِهَا.
وَإِذَا قُلِّدَ صَلَاةَ الْعِيدِ فِي عَامٍ جَازَ مَعَ إطْلَاقِ وِلَايَتِهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي كُلِّ عَامٍ مَا لَمْ يُصْرَفْ.
وَإِذَا قُلِّدَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ فِي عَامٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعَ إطْلَاقِ وِلَايَتِهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي غَيْرِهِ، إلَّا أَنْ يُقَلَّدَ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ رَاتِبَةٌ وَصَلَاةَ الْخُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ عَارِضَةٌ، وَإِذَا مُطِرُوا وَهُمْ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ أَتَمُّوهَا، وَخَطَبَ بَعْدَهَا شُكْرًا، وَلَوْ مُطِرُوا قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا لَمْ يُصَلُّوا، وَشَكَرُوا اللَّهَ تَعَالَى بِغَيْرِ خُطْبَةٍ، وَكَذَلِكَ فِي الْخُسُوفِ إذَا انْجَلَى، وَلَوْ اقْتَصَرَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ [1] قال ابن قدامة في المغني: الكسوف والخسوف شيء واحد، وكلاهما قد وردت به الأخبار، وجاء القرآن بلفظ الخسوف.
مسألة: قال أبو القاسم: وإذا خسفت الشمس أو القمر فزع الناس إلى الصلاة، إن أحبوا جماعة وإن أحبوا فرادى، وصلاة الكسوف ثابتة، ولا نعلم بين أهل العلم في مشروعيتها لكسوف الشمس خلافًا، وأكثر أهل العلم على أنَّها مشروعة لخسوف القمر، فعله ابن عباس، وبه قال عطاء والحسن والنخعي والشافعي وإسحاق. وقال مالك: ليس لكسوف القمر سُنَّة. وحكى ابن عبد البر عنه وعن أبي حنيفة أنهما قالا: يصلي الناس لخسوف القمر وحدانًا ركعتين ركعتين، ولا يصلون جماعة؛ لأن في خروجهم إليها مشقة.
ولنا أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فصلوا" متفق عليه، فأمر بالصلاة لهما أمرًا واحدًا، وعن ابن عباس أنَّه صلى بأهل البصرة في خسوف القمر ركعتين، وقال: إنما صليت لأنِّي رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي.
ولأنه أحد الكسوفين فأشبه كسوف الشمس، ويسنّ فعلها جماعة وفرادى، وبهذا قال مالك والشافعي.
وحكي عن الثوري أنه قال: إن صلاها الإمام صلوها معه وإلا فلا تصلوا. [المغني: 2/ 142] .
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي الجزء : 1 صفحة : 169