responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 151
تَعْبُدُ فِيهِنَّ رَبَّكَ، وَلَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَاَللَّهِ مَا أَدْرِي مِنْ أَيِّ أَمْرَيْكَ أَعْجَبُ، أَمِنْ فَهْمِكَ أَمْرَهُمَا؟ أَمْ مِنْ حُكْمِكَ بَيْنَهُمَا؟ اذْهَبْ فَقَدْ وَلَّيْتُكَ الْقَضَاءَ بِالْبَصْرَةِ، وَهَذَا الْقَضَاءُ مِنْ كَعْبٍ وَالْإِمْضَاءُ مِنْ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- كَانَ حُكْمًا بِالْجَائِزِ دُونَ الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْسِمَ لِلزَّوْجَةِ الْوَاحِدَةِ وَلَا يُجِيبُهَا إلَى الْفِرَاشِ إذْ أَصَابَهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ لِوَالِي الْمَظَالِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِالْجَائِزِ دُونَ الْوَاجِبِ.
فَصْلٌ: فِي تَوْقِيعَاتِ النَّاظِرِ فِي الْمَظَالِمِ
وَإِذَا وَقَّعَ النَّاظِرُ فِي الْمَظَالِمِ فِي قَصَصِ الْمُتَظَلِّمِينَ إلَيْهِ بِالنَّظَرِ بَيْنَهُمْ، لَمْ يَخْلُ حَالُ الْمُوَقَّعِ إلَيْهِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ وَالِيًا عَلَى مَا وُقِّعَ بِهِ إلَيْهِ، أَوْ غَيْرَ وَالٍ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ وَالِيًا عَلَيْهِ كَتَوْقِيعِهِ إلَى الْقَاضِي بِالنَّظَرِ بَيْنَهُمَا.
فَلَا يَخْلُو حَالُ مَا تَضَمَّنَهُ التَّوْقِيعُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
إمَّا أَنْ يَكُونَ إذْنًا بِالْحُكْمِ، أَوْ إذْنًا بِالْكَشْفِ وَالْوَسَاطَةِ، فَإِنْ كَانَ إذْنًا بِالْحُكْمِ جَازَ لَهُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا بِأَصْلِ الْوِلَايَةِ، وَيَكُونُ التَّوْقِيعُ تَأْكِيدًا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ قُصُورُ مَعَانِيهِ، وَإِنْ كَانَ إذْنًا بِالْكَشْفِ لِلصُّورَةِ أَوْ التَّوَسُّطِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ، فَإِنْ كَانَ فِي التَّوْقِيعِ بِذَلِكَ نَهْيُهُ عَنِ الْحُكْمِ فِيهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا، وَكَانَ هَذَا النَّهْيُ عَزْلًا لَهُ عَنِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ عَلَى عُمُومِ وِلَايَتِهِ فِيمَا عَدَاهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ تَكُونَ الْوِلَايَةُ نَوْعَيْنِ عَامَّةً وَخَاصَّةً، جَازَ أَنْ يَكُونَ الْعَزْلُ نَوْعَيْنِ عَامًّا وَخَاصًّا، وَإِنْ لَمْ يَنْهَهُ فِي التَّوْقِيعِ عَنِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا حِينَ أَمَرَهُ بِالْكَشْفِ، فَقَدْ قِيلَ: يَكُونُ نَذْرُهُ عَلَى عُمُومِهِ فِي جَوَازِ حُكْمِهِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِبَعْضِ مَا إلَيْهِ لَا يَكُونُ مَنْعًا مِنْ خَيْرِهِ، وَقِيلَ: بَلْ يَكُونُ مَنْعًا مِنْ غَيْرِهِ، وَقِيلَ: بَلْ يَكُونُ مَمْنُوعًا مِنَ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا مَقْصُورًا عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ التَّوْقِيعُ مِنَ الْكَشْفِ وَالْوَسَاطَةِ؛ لِأَنَّ فَحَوَى التَّوْقِيعِ دَلِيلٌ عَلَيْهِ ثُمَّ يُنْظَرُ؛ فَإِنْ كَانَ التَّوْقِيعُ بِالْوَسَاطَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ إنْهَاءُ الْحَالِ إلَيْهِ بَعْدَ الْوَسَاطَةِ، وَإِنْ كَانَ بِكَشْفِ الصُّورَةِ لَزِمَهُ إنْهَاءُ حَالِهِمَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِخْبَارٌ مِنْهُ، فَلَزِمَهُ إجَابَتُهُ عَنْهُ، فَهَذَا حُكْمُ تَوْقِيعِهِ إلَى مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ.
وَأَمَّا الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: وَهُوَ أَنْ يُوَقِّعَ إلَى مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ؛ كَتَوْقِيعِهِ إلَى فَقِيهٍ أَوْ شَاهِدٍ، فَلَا يَخْلُو

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 151
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست