responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 147
فصل:
فَأَمَّا إنْ تَجَرَّدَتِ الدَّعْوَى عَنْ أَسْبَابِ الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، فَلَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا مَا يُقَوِّيهَا وَلَا مَا يُضْعِفُهَا، فَنَظَرُ الْمَظَالِمِ يَقْتَضِي مُرَاعَاةَ حَالِ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِي غَلَبَةِ الظَّنِّ، وَلَا يَخْلُو حَالُهُمَا فِيهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ غَلَبَةُ الظَّنِّ فِي جَنْبَةِ الْمُدَّعِي.
وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ فِي جَنْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَتَعَدَّلَا فِيهِ، وَاَلَّذِي يُؤْثِرُهُ غَلَبَةُ الظَّنِّ فِي إحْدَى الْجِهَتَيْنِ هُوَ إرْهَابُهُمَا، وَتَغْلِيبُ الْكَشْفِ مِنْ جِهَتِهِمَا، وَلَيْسَ لِفَصْلِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا تَأْثِيرٌ يُعْتَبَرُ فِيهِ الظُّنُونُ الْغَالِبَةُ، فَإِنْ كَانَتْ غَلَبَةُ الظَّنِّ فِي جَنْبَةِ الْمُدَّعِي، وَكَانَتْ الرِّيبَةُ مُتَوَجِّهَةً إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَقَدْ يَكُونُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي مَعَ خُلُوِّهِ مِنْ حُجَّةٍ يَظْهَرُ بِهَا مَضْعُوفَ الْيَدِ مُسْتَلَانَ الْجَنْبَةِ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا بَأْسٍ وَقُدْرَةٍ، فَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ غَصْبَ دَارٍ أَوْ ضَيْعَةٍ غَلَبَ فِي الظَّنِّ أَنَّ مِثْلَهُ مَعَ لِينِهِ وَاسْتِضْعَافِهِ لَا يَتَجَوَّزُ فِي دَعْوَاهُ عَلَى مَنْ كَانَ ذَا بَأْسٍ وَذَا سَطْوَةٍ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي مَشْهُورًا بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَشْهُورًا بِالْكَذِبِ وَالْخِيَانَةِ، فَيَغْلِبُ فِي الظَّنِّ صِدْقُ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ تَتَسَاوَى أَحْوَالُهُمَا، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ عُرِفَ لِلْمُدَّعِي يَدٌ مُتَقَدِّمَةٌ، وَلَيْسَ يُعْرَفُ لِدُخُولِ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَبَبٌ حَادِثٌ، فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ نَظَرُ الْمَظَالِمِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ شَيْئَانِ:
أَحَدُهُمَا: إرْهَابُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِتَوَجُّهِ الرِّيبَةِ.
وَالثَّانِي: سُؤَالُهُ عَنْ سَبَبِ دُخُولِ يَدِهِ وَحُدُوثِ مِلْكِهِ، فَإِنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَرَى ذَلِكَ مَذْهَبًا فِي الْقَضَاءِ مَعَ الِارْتِيَابِ، فَكَانَ نَظَرُ الْمَظَالِمِ بِذَلِكَ أَوْلَى، وَرُبَّمَا أَلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ عُلُوِّ مَنْزِلَتِهِ عَنْ مُسَاوَاةِ خَصْمِهِ فِي الْمُحَاكَمَةِ، فَيَنْزِلُ عَمَّا فِي يَدِهِ لِخَصْمِهِ عَفْوًا، كَاَلَّذِي حُكِيَ عَنْ مُوسَى الْهَادِي أنه جَلَسَ يَوْمًا لِلْمَظَالِمِ وَعُمَارَةُ بْنُ حَمْزَةَ قَائِمٌ عَلَى

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 147
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست