responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 136
يَسْتَوْفُونَهُ لَهُ وَيُوفُونَهُ مِنْهُ أَعَادَهُ؛ فَيَتَصَفَّحُ أَحْوَالَ مَا وُكِلَ إلَيْهِمْ، فَإِنْ عَدَلُوا بِحَقِّ مَنْ دَخَلَ أَوْ خَرَجَ إلَى زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ إلَى قَوَانِينِهِ، وَقَابَلَ عَلَى تَجَاوُزِهِ.
حُكِيَ أَنَّ الْمَنْصُورَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بَلَغَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ كُتَّابِ دَوَاوِينِهِ زَوَّرُوا فِيهِ وَغَيَّرُوا، فَأَمَرَ بِإِحْضَارِهِمْ وَتَقَدَّمَ تَأْدِيبُهُمْ، فَقَالَ: حَدَثَ مِنْهُمْ وَهُوَ يَضْرِبُ، "مِنْ الْوَافِر":
أَطَالَ اللَّهُ عُمُرَكَ فِي صَلَاحٍ ... وَعِزٍّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَا
بِعَفْوِكَ نَسْتَجِيرُ فَإِنْ تُجِزْنَا ... فَإِنَّكَ عِصْمَةٌ لِلْعَالَمِينَا
وَنَحْنُ الْكَاتِبُونَ وَقَدْ أَسَأْنَا ... فَهَبْنَا لِلْكِرَامِ الْكَاتِبِينَا
فَأَمَرَ بِتَخْلِيَتِهِمْ، وَوَصَلَ الْفَتَى وَأَحْسَنَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَتْ مِنْهُ الْأَمَانَةُ وَبَانَتْ فِيهِ النَّجَابَةُ؛ وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ لَا يَحْتَاجُ وَالِي الْمَظَالِمِ تَصَفُّحَهَا إلَى مُتَظَلِّمٍ.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: تَظَلُّمُ الْمُسْتَرْزِقَةِ مِنْ نَقْصِ أَرْزَاقِهِمْ أَوْ تَأَخُّرِهَا عَنْهُمْ، وَإِجْحَافِ النَّظَرِ بِهِمْ، فَيَرْجِعُ إلَى دِيوَانِهِ فِي فَرْضِ الْعَطَاءِ الْعَادِلِ فَيُجْرِيهِمْ عَلَيْهِ، وَيَنْظُرُ فِيمَا نَقَصُوهُ أَوْ مَنَعُوهُ مِنْ قَبْلُ، فَإِنْ أَخَذَهُ وُلَاةُ أُمُورِهِمْ اسْتَرْجَعَهُ مِنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذُوهُ قَضَاهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. كَتَبَ بَعْضُ وُلَاةِ الْأَجْنَادِ إلَى الْمَأْمُونِ أَنَّ الْجُنْدَ شَعَّبُوا وَنَهَبُوا، فَكَتَبَ إلَيْهِ: لَوْ عَدَلْتَ لَمْ يُشَعِّبُوا، وَلَوْ وَفَّيْتَ لَمْ يَنْهَبُوا، وَعَزَلَهُ عَنْهُمْ وَأَدَرَّ عَلَيْهِمْ أَرْزَاقَهُمْ.
وَالْقِسْمُ الْخَامِسُ: رَدُّ الْغُصُوبِ، وَهِيَ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: غُصُوبٌ سُلْطَانِيَّةٌ قَدْ تَغَلَّبَ عَلَيْهَا وُلَاةُ الْجَوْرِ؛ كَالْأَمْلَاكِ الْمَقْبُوضَةِ عَنْ أَرْبَابِهَا، إمَّا لِرَغْبَةٍ فِيهَا، وَإِمَّا لِتَعَدٍّ عَلَى أَهْلِهَا، فَهَذَا إنْ عَلِمَ بِهِ وَالِي الْمَظَالِمِ عِنْدَ تَصَفُّحِ الْأُمُورِ أَمَرَ بِرَدِّهِ قَبْلَ التَّظَلُّمِ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى تَظَلُّمِ أَرْبَابِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ عِنْدَ تَظَلُّمِهِمْ إلَى دِيوَانِ السَّلْطَنَةِ، فَإِذَا وَجَدَ فِيهِ ذِكْرَ قَبْضِهَا عَلَى مَالِكِهَا عَمِلَ عَلَيْهِ وَأَمَرَ بِرَدِّهَا إلَيْهِ، وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِهِ، وَكَانَ مَا وَجَدَهُ فِي الدِّيوَانِ كَافِيًا.
كَمَا حُكِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ -رَحِمَهُ اللَّهُ- خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ إلَى الصَّلَاةِ، فَصَادَفَهُ رَجُلٌ وَرَدَ مِنَ الْيَمَنِ مُتَظَلِّمًا فَقَالَ -مِنَ الْبَسِيطِ:
تَدْعُونَ حَيْرَانَ مَظْلُومًا بِبَابِكُمْ ... فَقَدْ أَتَاكَ بَعِيدُ الدَّارِ مَظْلُومُ

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 136
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست