responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 126
فَصْلٌ:
فَأَمَّا طَلَبُ الْقَضَاءِ وَخُطْبَةُ الْوُلَاةِ عَلَيْهِ: فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِيهِ كَانَ تَعَرُّضُهُ لِطَلَبِهِ مَحْظُورًا، وَصَارَ بِالطَّلَبِ مَجْرُوحًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي يَجُوزُ مَعَهَا نَظَرُهُ فَلَهُ فِي طَلَبِهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ فِي غَيْرِ مُسْتَحِقِّهِ، إمَّا لِنَقْصِ عِلْمِهِ، وَإِمَّا لِظُهُورِ جَوْرِهِ فَيَخْطُبُ الْقَضَاءَ دَفْعًا لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ؛ لِيَكُونَ فِيمَنْ هُوَ بِالْقَضَاءِ أَحَقُّ، فَهَذَا سَائِغٌ لِمَا تَضْمَنَّهُ مِنْ دَفْعِ مُنْكَرٍ، ثُمَّ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ قَصْدِهِ إزَالَةَ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ كَانَ مَأْجُورًا، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهُ اخْتِصَاصَهُ بِالنَّظَرِ فِيهِ كَانَ مُبَاحًا.
وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ فِي مُسْتَحِقِّهِ وَمَنْ هُوَ أَهْلُهُ وَيُرِيدُ أَنْ يَعْزِلَهُ عَنْهُ، إمَّا لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا، وَإِمَّا لِيَجُرَّ بِالْقَضَاءِ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا؛ فَهَذَا الطَّلَبُ مَحْظُورٌ، وَهُوَ بِهَذَا الطَّلَبِ مَجْرُوحٌ.
وَالْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْقَضَاءِ نَاظِرٌ وَهُوَ خَالٍ مِنْ وَالٍ عَلَيْهِ؛ فَيُرَاعِي فِي طَلَبِهِ؛ فَإِنْ كَانَ لِحَاجَتِهِ إلَى رِزْقِ الْقَضَاءِ الْمُسْتَحَقِّ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَانَ طَلَبُهُ مُبَاحًا، وَإِنْ كَانَ لِرَغْبَةٍ فِي إقَامَةِ الْحَقِّ وَخَوْفِهِ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ كَانَ طَلَبُهُ مُسْتَحَبًّا، فَإِنْ قَصَدَ بِطَلَبِهِ الْمُبَاهَاةَ وَالْمَنْزِلَةَ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ، مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى جَوَازِهِ، فَكَرِهَتْهُ طَائِفَةٌ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الْمُبَاهَاةِ وَالْمَنْزِلَةِ فِي الدُّنْيَا مَكْرُوهٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83] .
وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى إلَى أَنَّ طَلَبَهُ لِذَلِكَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الْمَنْزِلَةِ مِمَّا أُبِيحَ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ، وَقَدْ رَغِبَ نَبِيُّ اللَّهِ يُوسُفَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- إلَى فِرْعَوْنَ[1] فِي الْوِلَايَةِ وَالْخِلَافَةِ فَقَالَ: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55] .

[1] قلت: في سورة يوسف لم يستخدم القرآن الكريم كلمة فرعون أبدًا، وإنما استخدم كلمة الملك كثيرًا، وأغلب المؤرِّخين على أن يوسف كان في عهد الهكسوس وليس في عهد الفراعنة.
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 126
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست