responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 113
بِهَا وَالْمُجْمَعِ عَلَيْهَا، حَتَّى يَجِدَ طَرِيقًا إلَى الْعِلْمِ بِأَحْكَامِ النَّوَازِلِ، وَتَمْيِيزِ الْحَقِّ مِنَ الْبَاطِلِ، فَإِذَا أَحَاطَ عِلْمُهُ بِهَذِهِ الْأُصُولِ الْأَرْبَعَةِ فِي أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ صَارَ بِهَا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِي الدِّينِ، وَجَازَ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ وَيَقْضِيَ، وَجَازَ لَهُ أَن يَسْتَفْتِيَ وَيَسْتَقْضِيَ، وَإِنْ أَخَلَّ بِهَا أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهَا خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُفْتِيَ وَلَا أَنْ يَقْضِيَ.
فَإِنْ قُلِّدَ الْقَضَاءَ فَحَكَمَ بِالصَّوَابِ أَوْ الْخَطَإِ كَانَ تَقْلِيدُهُ بَاطِلًا وَحُكْمُهُ وَإِنْ وَافَقَ الْحَقَّ وَالصَّوَابَ مَرْدُودًا، وَتَوَجَّهَ الْحَرَجُ فِيمَا قُضِيَ بِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ قَلَّدَهُ الْحُكْمَ وَالْقَضَاءَ.
وَجَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ تَقْلِيدَ الْقَضَاءِ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ لِيَسْتَفْتِيَ فِي أَحْكَامِهِ وَقَضَايَاهُ، وَاَلَّذِي

= اجتهاد، والصحيح هو الأول؛ لأنه يطَّرِدُ وينعكس، ألا ترى أنه يوجد بوجوده القياس، وبعدمه يُعْدَم القياس، فدلَّ على صحته، فأمَّا الأمارة فلا تطَّرِد، ألا ترى أنَّ زوال الشمس أمارة على دخول الوقت وليس بقياس؟ وفعل القائس أيضًا لا معنى له؛ لأنه لو كان ذلك صحيحًا لوجب أن يكون كل فعل يفعله القائس من المشي والقعود قياسًا، وهذا لا يقوله أحد، فبطل تحديده بذلك، وأمَّا الاجتهاد فهو أعمّ من القياس؛ لأنَّ الاجتهاد بذل المجهود في طلب الحكم، وذلك يدخل فيه حمل المطلق على المقيد، وترتيب العام على الوجوه التي يطلب منها الحكم، وشيء من ذلك ليس بقياس، فلا معنى لتحديد القياس به.
والقياس حجّة في إثبات الأحكام العقلية وطريق من طرقها، وذلك مثل حدوث العالم وإثبات الصانع وغير ذلك، ومن الناس من أنكر ذلك، والدليل على فساد قوله: إن إثبات هذه الأحكلم لا يخلو إمَّا أن يكون بالضرورة أو بالاستدلال، والقياس لا يجوز أن يكون بالضرورة؛ لأنه لو كان كذلك لم يختلف العقلاء فيها، فثبت أن إثباتها بالقياس والاستدلال بالشاهد على الغائب، وكذلك هو حجة في الشرعيات، وطريق لمعرفة الأحكام، ودليل من أدلتها من جهة الشرع، وقال أبو بكر الدقاق: هو طريق من طرقها يجب العمل به من جهة العقل والشرع، وذهب النظام والشيعة وبعض المعتزلة البغداديين إلى أنه ليس بطريق للأحكام الشرعية، ولا يجوز ورود التعبد به من جهة العقل.
وقال داود وأهل الظاهر: يجوز أن يرد التعبّد به من جهة العقل، إلَّا أن الشرع ورد بحظره والمنع منه، والدليل على أنَّه لا يجب العمل به من جهة العقل أنَّ تعليق تحريم التفاضل على الكيل أو الطعم في العقل ليس بأولى من تعليق التحليل عليهما، ولهذا يجوز أن يرد الشرع بكل واحد من الحكمين بدلًا عن الآخر، وإذا استوى الأمر أنَّ في التجويز يبطل أن يكون العقل موجبًا لذلك، وأمَّا الدليل على جواز ورود التعبّد به من جهة العقل هو أنه إذا جاز أن يحكم في الشيء بحكمٍ لعلة منصوص عليها جاز أن يحكم فيه منصوص عليها، وينصب عليها دليلًا يتوصّل به إليها، ألا ترى أنَّه لمَّا جاز أن يؤمر من عاين القبلة بالتوجُّه إليها جاز أيضًا أن يؤمر من غاب عنها أن يتوصَّل بالدليل إليها، وأما الدليل على ورود الشرع به ووجوب العمل به فإجماع الصحابة. [اللمع في أصول الفقه: ص 96] .
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست