responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : ابن الفراء، أبو يعلى    الجزء : 1  صفحة : 208
فأما إجارة أرض السواد فيجوز نص عليه في رواية محمد بن أبي حرب والأثرم " إذا استأجر أرضا من أرض السواد ممن هي في يده بأجرة معلومة فجائز، ويكون فيها مثلهم " وذلك لأنها في يده بحكم الإجارة، لأن الخراج أجرة عنها، فجاز أن يؤجر ما استأجره كسائر الأشياء. ونقل الجماعة عنه في بيوت مكة " لا تكري".
قال في رواية حنبل " مكة إنما كره إجارة بيوتها لأنها عنوة، دخلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسيف، فلما كانت عنوة كان المسلمون فيها شرعا واحدا، وعمر إنما ترك السواد لذلك". وقال في رواية أبي طالب والأثرم وابن منصور " لا تكرى بيوت مكة". فقد منع من إجارة بيوت مكة مع كونها عنوة. والفرق بينها وبين أرض السواد: أن الفاتح لأرض السواد - وهو عمر - أذن في إجارتها، وهو أن ضرب الخراج على من انتفع بها وهو أجرة عنها والفاتح لمكة - وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن في الانتفاع بها من غير أجرة فقال " مكة مناخ لا تباع رباعها ولا تؤجر بيوتها". فإن قيل: فإذا كان الخراج أجرة فلم سماه أحمد صغارا؟. وقد قال في رواية حنبل، وقد سئل عن شراء الضياع والمساكن بالسواد فقال " مالك يؤدي الخراج، وهو الصغار " قيل: لما روى أبو بكر بإسناده عن أبي عياض أن عمر ابن الخطاب قال " لا تشتروا من رقيق أهل الذمة شيئا، فإنهم أهل خرج، ولا من أراضيهم، ولا يقر أحدكم بالصغار في عنقه وقد نجاه الله منه". فسماه صغارا. وبإسناده عن عمر قال: " إنكم على شريعة حسنة من دينكم، ما لم تشاركوا الكفار في صغارهم وقد نجاكم الله من ذلك". وبإسناده عن رجل من جهينة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - " من أقر بالطسق بعد إذ أنقذه الله منه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين". وبإسناده عن عبد الله بن عمرو قال " سأخبركم من المرتد على عقبيه: رجل أسلم فحسن إسلامه، ثم هاجر فحسنت هجرته ثم جاهد فحسن جهاده، ثم عمد إلى نبطي بيده أرض فأخذها غرسها وورقها، ثم أقبل عليها يعمرها وترك جهاده، فذلك المرتد على عقبيه". ولأنه قد أخذ شبها من الجزية، وهو أنه لا يبتدأ به المسلم، وإنما يبتدأ به الكفار ولأنه يلحق بمال الفيء. قال في رواية إسحاق، وقد سئل عن الرجل يستأجر أرضا من أرض السواد فقال: " يزارع رجلا أحب إلى من أن استأجر أرضا".
إنما اختار أحمد المزارعة على الإجارة لأن الإجارة أخذ عوض عن المنفعة، وقد منع من المعاوضة عليها، والمزارعة هي بذل عوض منفعة العامل، فلهذا اختاره على الإجارة.

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية المؤلف : ابن الفراء، أبو يعلى    الجزء : 1  صفحة : 208
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست