انعقاد البيع بالمعاطاة.
والمعاطاة المناولة من عطى يعطي إذا تناول مفاعلة من العطاء، وهو أن يتفاوضا من غير عقد، أي بتسليم وتسلم، ولا يوجد لفظ، أو يوجد لفظ من أحدهما دون الآخر لكن استعملها الفقهاء في مناولة خاصة[1].
والمشهور من مذهبنا أنه لا تصح المعاطاة في البيع لا في قليل ولا كثير، وبهذا قطع المصنف والجمهور، وهناك وجه مشهور عن ابن شريح أنه يصح البيع بالمعاطاة فيما يعده الناس بيعا؛ لأن الله تعالى أحل البيع، ولم يثبت في الشرع لفظ له، فوجب الرجوع إلى العرف، ولفظة البيع مشهورة، وقد اشتهرت الأحاديث بالبيع عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضي الله عنهم في زمنه وبعده، ولم يثبت في شيء منها مع كثرتها اشتراط الإيجاب والقبول[2].
وقد جرت العادة بين الناس بصحة بيع المحقرات، وأما النفيس فلا بد فيه من الإيجاب والقبول، ومعرفة المحقر والنفيس من الأشياء مرجعه العرف الجاري، فما عده من الحقرات صح فيه البيع، وإلا فلا. وهذا هو المشهور تفريعًا على صحة المعاطاة.
وحكى الرافعي وجهًا، أن المحقر دون نصاب السرقة، وهذا شاذ ضعيف، بل الصواب أنه لا يختص بذلك، بل يتجاوز إلى ما بعده أهل العرف بيعًا[3].
قال شارح المنهاج: وقيل ينعقد بها في المحقر، أي ينعقد البيع بالمعاطاة في الأشياء التي تكون قيمتها زهيدة لا يأبه بها كرغيف خبز، وحزمة بقل، [1] المصباح المنير "ج2 ص497". [2] للجموع شرح المهذب "ج9 ص172". [3] المرجع السابق "ج9 ص173".