اسم الکتاب : فقه العبادات المؤلف : ابن عثيمين الجزء : 1 صفحة : 293
السؤال (242) : فضيلة الشيخ، إذا عجز الحاج عن إكمال النسك فماذا يصنع؟
الجواب: إذا عجز الحاج عن إتمام النسك، فلا يخلو من حالين:
إما أن يكون عجزه بصد عدو صده عن البيت؛ كما جرى للنبي صلى الله عليه وسلم حين صده المشركون عام الحديبية، ففي هذه الحال: يحلق بعد أن ينحر هديه ويحل من إحرامه؛ لقول الله تعالى: (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) (البقرة: 196) ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عام الحديبية أن يحلقوا، ولما تأخروا رجاء أن ينسخ الحكم، أو لسبب آخر غلب عليه الصلاة والسلام في ذلك، حتى أشارت عليه إحدى أمهات المؤمنين أن يخرج إليهم فيحلق رأسه، ففعل، وحينئذ تتابع الناس على حلق رؤوسهم، والإحلال من إحرامهم، وفي هذه الحال، لا يلزمه أن يقضي ما أحصر عنه، إلا إذا كان لم يؤد الفريضة، فإنه يلزمه أداء الفريضة بالأمر الأول، لا قضاء عما أحصر فيه، هذا إذا كان الحصر بعدو.
أما إذا كان الحصر بغير عدو، كما لو أحصر بذهاب نفقة أو بمرض أشتد به، فإنه في هذه الحال يحل من إحرامه، بعد أن ينحر هديا ويحلق، إما قياسا على حصر العدو، وإما إدخالا له في العموم، وهو قوله تعالى: (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) (البقرة: من 196) ، فإن هذا الإحصار شامل، وكون الإحصار بالعدو هو الذي وقع في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، لا يمنع أن تتناول الآية غيره.
على كل حال: إذا حصر بغير عدو، من مرض، أو ذهاب نفقة، أو ما أشبه ذلك، فالقول الراجح: أنه يحل بهذا الإحصار، بعد أن ينحر هديه ويحلق رأسه، ويلزمه القضاء، أي: قضاء ما أحصر فيه إلا إذا كان واجبا بأصل الشرع، مثل أن يكون لم يؤد الفريضة من قبل، فيلزمه فعل الفريضة بالخطاب الأول، أي: بالأمر الأول، لا من حيث إنه قضاء.
هذا إذا لم يكن اشترط في ابتداء إحرامه، أنه ((إن حبسني حابس، فمحلي حيث حبستني)) ، فإن كان قد اشترط في بداية إحرامه أنه ((إن حبسني حابس، فمحلي حيث حبستني)) ، فإنه يحل من إحرامه مجاناً ولا شيء عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير، وقد أرادت الحج وهي شاكية: ((حجي واشترطي، وقولي: اللهم، محلي حيث حبستني)) [1] .
حكم من توفي أثناء إحرامه بالنسك [1] أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين، رقم (5089) ومسلم، كتاب الحج، باب جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه، رقم (1207)
السؤال (241) : فضيلة الشيخ، لكن إذا جاز التوكيل في الرمي، هل هناك شروط للنائب والمنيب؟
الجواب: نعم، أما المنيب فيشترط ألا يستطيع الرمي بنفسه لا ليلا ولا نهارا، وأما النائب، فقال الفقهاء رحمهم الله: أنه لابد أن يكون ممن حج تلك السنة، وأن يكون قد رمى عن نفسه.
عجز عن إكمال النسك، فماذا يصنع؟
السؤال (240) : فضيلة الشيخ، ذكرتم أن التوكيل في الجزئية يكون مثلا في الطواف أو الرمي أو الوقوف أو ما أشبه ذلك، فهل إذا جاز التوكيل في الرمي مثلا يقاس عليه بقية أجزاء الحج؟
الجواب: لا، نحن قلنا هذا تمثيل على التوكيل في الجزئية، وليس حكما بأن ذلك مباح؛ ولهذا قلنا: لا نعلم في السنة أنه ورد التوكيل في شيء من الجزئيات، أو أن أحدا يقوم عن أحد إلا في الرمي، وقلنا: إن الإنسان إذا تلبس في الحج أو العمرة، صار فرضا عليه يلزمه هو بنفسه؛ وعلى هذا فلا يجوز التوكيل في أي شيء من أجزاء الحج أو العمرة فرضا كانت أم نفلا، إلا في الرمي؛ لوروده في حق الصغار، وكذلك من لم يستطيع الرمي بنفسه من الكبار.
اسم الکتاب : فقه العبادات المؤلف : ابن عثيمين الجزء : 1 صفحة : 293