responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فقه العبادات المؤلف : ابن عثيمين    الجزء : 1  صفحة : 121
السؤال (81) : فضيلة الشيخ، ما هي الأحكام المتعلقة بالحيض والنفاس؟
الجواب: الحيض قال أهل العلم: إنه دم طبيعة وجبلة يعتاد الأنثى إذا صلحت للحمل في أيام معلومة. وقالوا: إن الله عز وجل خلقه لغذاء الولد في بطن الأم، ولهذا إذا حملت المرأة انقطع عنها الحيض غالباً، ثم إن هذا الحيض الطبيعي إذا أصاب المرأة تعلق به أحكام كثيرة، منها: تحريم الصلاة والصيام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم " أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم" [1] ، فلا يحل للمرأة أن تصوم ولا أن تصلي وهي حائض، فإن فعلت فهي آثمة، وصومها وصلاتها مردودان عليها.
ثانياً: يحرم عليها الطواف بالبيت، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة حين حاضت: " افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت" [2] ، ولما ذكر له أن صفية بنت حيي قد حاضت، قال: " أحابستنا هي؟ " لأنه ظن أنها لم تطف طواف الإفاضة، فقالوا: إنها قد أفاضت، فقال: "اخرجوا" [3] ، ومن هذا الحديث نستفيد أن المرأة إذا طافت طواف الإفاضة وهو طواف الحج، ثم أتاها الحيض بعد ذلك، فإن نسكها يتم، حتى لو حاضت بعد طواف الإفاضة وقبل السعي، فإن نسكها يتم، لأن السعي يصح من المرأة الحائض.
ونستفيد أيضاً من هذا الحديث أن طواف الوداع يسقط عن المرأة الحائض، كما جاء ذلك صريحاً في حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض" [4] .
يحرم على الحائض أيضاً الجماع، فلا يحل للرجل أن يجامع زوجته وهي حائض، لقول الله تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ) (البقرة: 222) ، والآية الكريمة تفيد أنه يحرم على الإنسان أن يطأ زوجته وهي حائض، وأنها إذا طهرت لا يطأها أيضاً حتى تغتسل لقوله: (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ) يعني اغتسلن، فإن الإطهار بمعنى الاغتسال، لقوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) (المائدة: [6]) .
ولكن يجوز للإنسان أن يباشر زوجته وهي حائض، وأن يستمتع منها بما دون الفرج، وهذا يخفف من حدة الشهوة بالنسبة للإنسان الذي لا يستطيع الصبر عن أهله مدة أيام الحيض، فإنه يتمكن من الاستمتاع بها فيما عدا الوطء في الفرج، أما الوطء في الدبر فهو حرام بكل حال، سواء كانت امرأته حائضاً أم غير حائض.
ومن الأحكام التي تترب على الحيض: أن المرأة إذا طهرت في وقت الصلاة فإنه يجب عليها أن تبادر بالاغتسال لتصلي الصلاة قبل خروج وقتها، فإذا طهرت مثلاً بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس، وجب عليها أن تغتسل، حتى تصلي صلاة الفجر في وقتها، وبعض الناس يتهاون في هذا الأمر، فتجدها تطهر في الوقت، ولكن تسوف ولا سيما في أيام الشتاء، تسوف وتتهاون حتى يخرج الوقت، وهذا حرام عليها ويحل لها، بل الواجب: أن تغتسل لتصلي الصلاة في وقتها.
وأوقات الصلوات معلومة لعامة الناس: وهي في الفجر من طلوع الفجر حتى تطلع الشمس، وفي وقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله يعني طوله وفي العصر من هذا الوقت إلى أن تصفر الشمس، وهذا وقت الاختيار، وإلى أن تغرب وهذا وقت الضرورة، وفي المغرب من غروب الشمس إلى مغرب الشمس الأحمر، وفي العشاء من مغرب الشفق الأحمر إلى منتصف الليل، وما بعد منتصف الليل فهو وقت لا تصلى فيه العشاء لأن وقتها قد خرج، إلا إذا كان الإنسان قد نام أو نسي، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من نام عن صلاته أو نسيها فليصلها إذا ذكرها" [5] .
وليعلم أن الأصل في الدم الذي يصيب المرأة إذا كانت في سن الحيض أن يكون حيضاً، حتى يأتي ما يخرجه عن هذا الأصل، والذي يخرجه عن هذا الأصل، أن نعلم أن هذا الدم خرج من عرق وليس دم الطبيعة، مثل أن يكون ذلك إثر عملية أجرتها المرأة، أو يكون هذا الشيء لروعة أصابتها، أو نحو هذا من الأسباب التي توجب خروج الدم غير الطبيعي، فإنها في هذه الحال لا تعتبر هذا الدم دم حيض، وكذلك إذا أطبق عليها الدم وكثر حتى استغرق أكثر المدة من الشهر، فإنها في هذه الحال تكون مستحاضة، وترجع إلى عادتها التي كانت عليها قبل حصول هذه الاستحاضة، فتجلس مدة عادتها ثم تغتسل وتصلي، ولو كان الدم يجري.
ومما يتعلق بأحكام الحيض والنفاس: أنه لا يجوز للرجل أن يطلق المرأة وهي حائض، فإن فعل فهو آثم وعليه أن يردها إلى عصمته، حتى يطلقها وهي طاهر طهراً لم يجامعها فيه، لأنه ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر عمر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتغيظ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً" [6] .
وكثير من الناس نسأل الله لنا ولهم الهداية يتسرعون في هذا الأمر، فيطلق زوجته وهي حائض، أو يطلقها في طهر جامعها فيه، قبل أن يتبين حملها، وكل هذا حرام يجب على المرء أن يتوب إلى الله منه، وأن يعيد امرأته التي طلقها على هذه الحال.
ومما يتعلق بأحكام الحيض والنفاس: أن المرأة النفساء إذا طهرت قبل أربعين يوماً، فإنه يجب عليها أن تغتسل وتصلي وتصوم إذا كان ذلك في رمضان، لأنها إذا طهرت ولو في أثناء الأربعين صار لها حكم الطاهرات، حتى بالنسبة للجماع، فإنه يجوز لزوجها أن يجامعها وإن لم تتم أربعين، لأنه إذا جازت لها الصلاة جاز الوطء من باب أولى.
ومما يتعلق بأحكام الحيض والنفاس: كما أشرنا إليه سابقاً وجوب الغسل على الحائض والنفساء إذا طهرتا من الحيض والنفاس، وأحكام الحيض والنفاس كثيرة جداً، ونقتصر منها على هذا القدر ولعل فيه كفاية إن شاء الله تعالى.

المرأة إذا لم ينزل منها دم

[1] أخرجه البخاري، كتاب الحيض، باب ترك الحائض الصوم، رقم (304) .
[2] أخرجه البخاري، كتاب الحيض، بلب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، رقم (305) ، ومسلم، كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، رقم (1211) .
[3] أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب الزيارة يوم النحر، رقم (1733) ، ومسلم، كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض، رقم (1211م) .
[4] أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب طواف الوداع، رقم (1755) ، ومسلم، كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض، رقم (1328) .
[5] أخرجه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكر، رقم (597) ، ومسلم، كتاب المساجد، باب قضاء الصلاة الفائتة، رقم (684) ، واللفظ له
[6] أخرجه مسلم، كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها، رقم (1471) .
اسم الکتاب : فقه العبادات المؤلف : ابن عثيمين    الجزء : 1  صفحة : 121
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست