اسم الکتاب : فقه التاجر المسلم المؤلف : حسام الدين عفانة الجزء : 1 صفحة : 237
أخي التاجر إياك وحلف الأيمان!
كثير من التجار يكثرون من الحلف في البيع والشراء فتراهم يحلفون بالله عز وجل على أتفه الأمور ولا يعلمون أن كثرة الحلف مكروهة هذا إذا كان الحالف صادقاً قال الله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} سورة المائدة الآية 89. قال القرطبي: [أي بترك الحلف فإنكم إذا لم تحلفوا لم تتوجه عليكم هذه التكليفات] تفسير القرطبي 6/ 285.
ونقل القرطبي أيضاً عن بعض المفسرين في قوله تعالى: {ولآ تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} سورة البقرة الآية 224، [بأن المعنى لا تكثروا من اليمين بالله تعالى فإنه أهيب للقلوب ولهذا قال الله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} وذمَّ من كثَّر اليمين فقال الله تعالى: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ} والعرب تمتدح بقلة الأيمان ... ] تفسير القرطبي 3/ 97.
وأما إذا كان الحالف كاذباً متعمداً للكذب فقد وقع في الحرام قال الله تعالى: {إن الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} سورة آل عمران الآية 77.
وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كثرة الحلف في البيع والشراء ويلحق به غيرهما من وجوه التعامل بين الناس فقد ثبت في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (الحلف منفقة للسلعة ممحقة للبركة) رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي قتادة الأنصاري - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إياكم وكثرة الحلف في البيع فإنه ينفق ثم يمحق) رواه مسلم.
قال الإمام النووي: [وفيه النهي عن كثرة الحلف في البيع فإن الحلف من غير حاجة مكروه وينضم إليه ترويج السلعة وربما اغتر المشتري باليمين] شرح النووي على صحيح مسلم 3/ 220.
وقال الحافظ أبو العباس القرطبي المحدّث -وهو شيخ القرطبي المفسر-: [وقوله: (الحلف منفقة للسلعة ممحقة للربح) الرواية: منفقة ممحقة -بفتح الميم وسكون ما بعدها وفتح ما بعدها- وهما في
اسم الکتاب : فقه التاجر المسلم المؤلف : حسام الدين عفانة الجزء : 1 صفحة : 237