اسم الکتاب : فقه الأسرة المؤلف : أحمد علي طه ريان الجزء : 1 صفحة : 37
وقد توسَّع الحنابلة في المواضع التي شُرِعَ النظر إليها من المرأة المراد خطبتها؛ حيث أباحوا النظر إلى كل ما يظهر من المرأة غالبًا "رقبة ووجه ويد وقدم"، بل هناك رواية عن الإمام أحمد بن حنبل "لا بأس أن ينظر إليها عند الخطبة حاسرة" وذلك لأنه -صلى الله عليه وسلم- لما أذن في النظر إليها من غير علمها علم أنه أذن في النظر إلى جميع ما يظهر غالبًا, ولعل ما ذهب إليه الحنابلة أقرب إلى النصوص، والله أعلم.
الوقت المناسب للنظر:
عبارات أكثر الفقهاء في تحديد وقت النظر يستفاد منها: أن ذلك يكون قبل الخطبة حتى إذا لم ير ما يرغبه في المرأة لم يتقدم لخطبتها ابتداءً، وحينئذ لن يصيب قلب المرأة ويطلق ألسنة الجيران عليها، وفي هذا إيذاء لها ولأهلها، ويتأيد هذا التعليل بما كان يحدث من الصحابة -رضي الله عنهم- حين كانوا يتخبأون لرؤية من يرغبون في نكاحهن, وبناءً على ذلك تحمل ألفاظ الأحاديث الواردة في مشروعية النظر عند الزواج أو بعده على العزم، أي: فمن عزم على خطبة امرأة أو على نكاحها فلينظر إليها قبل أن يخطبها أو يتزوجها[1], لذلك كان القول بالنظر قبل الخطبة فيه أخذ بالسنة، وفيه كذلك حفظ لمشاعر المرأة وأوليائها.
إذا لم يتيسر النظر إلى من يراد خطبتها:
إذا لم يتيسر النظر من الرجل إلى مَنْ يرغب في التزوج منها، فله أن يبعث امرأة من قبله لتتأمل المرأة المراد خطبتها وتصفها له, ويمكن الاكتفاء برؤية إحدى أخواتها الصغار لتشابه الأخوات غالبًا إذا أمنت الفتنة في كل ما ذكر[2]. [1] حاشيتا قليوبي وعميرة جـ3/ 208، والشرح الصغر جـ1/ 376، وكشاف القناع جـ5/ 10، وحاشية ابن عابدين جـ3/ 8. [2] شرح الخرشي وحاشية العدوي عليه جـ3/ 166، ومغني المحتاج جـ3/ 128.
اسم الکتاب : فقه الأسرة المؤلف : أحمد علي طه ريان الجزء : 1 صفحة : 37