اسم الکتاب : فقه الأسرة المؤلف : أحمد علي طه ريان الجزء : 1 صفحة : 35
الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله في الحديث السابق: "فإنه أجدر أن يؤدم بينكما".
حكم النظر:
تراوحت مذاهب أهل العلم ما بين قائل بالسنية، وقائل بالندب، وقائل بالإباحة, فمن قال بالسنية أخذ بظاهر الأمر الوارد في عددٍ من الأحاديث, وقد تقدَّم بعضها, ومن قال بالندب راعى أن الأمر الوارد في الأحاديث إنما المقصود به الإرشاد، بدليل التعليل المقترن بكل أمرٍ, وهو يفيد الاستحباب, ومن قال بالإباحة فقد نظر إلى أن الأمر في هذه الأحاديث إنما ورد بعد الحظر، وورود الأمر بعد الحظر إنما يفيد الإباحة, والأقرب لظاهر النصوص الواردة في هذا الباب أن الأمر فيها يدل على الندب؛ لدلالة التعليل المقترن بكل أمر, وهو رجاء حسن العشرة ودوام المودة، ومثل ذلك يفيد الاستحباب.
هل يحتاج إلى إذنها أو إذن وليها في النظر؟
ذهب أكثر الفقهاء إلى عدم الحاجة إلى إذنها أو إذن وليها في ذلك, بل ذهب الحنابلة إلى أن عدم الإذن أولى1, لحديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل". قال: فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما يدعوني إلى نكاحها وتزوجها فتزوجتها[2]، ويترتب على الاستئذان كذلك العلم بوقته, فتستعد لذلك فيفوت الغرض الذي جعل الاستئذان لأجله[3].
وقال المالكية بكراهة استغفالها, لئلّا يتطرق أهل الفساد للنظر إلى النساء ويقولون: نحن خطَّاب[4], لكن مشروعية النظر مقيدة بقيود ثلاثة:
1كشاف القناع جـ5/ 10، ومغني المحتاج جـ3/ 128. [2] سنن أبي داود جـ1/ 480 "رقم 2082"، وأحمد "3/ 334، 360"، والحاكم "2/ 165" وصححه، وهو كما قال. [3] مغني المحتاج جـ3/ 128. [4] الشرح الصغير جـ1/ 376.
اسم الکتاب : فقه الأسرة المؤلف : أحمد علي طه ريان الجزء : 1 صفحة : 35