إلى أن التمدن الإسلامي قد بدأ وانتهى قبل أن يكشف الغطاء عن أصول العلم فكيف يمكن أن نعتقد أن هذا التمدن كان نموذج الكمال البشري؟ ..
ثم يبين أن كثيراً من ظواهر التمدن الإسلامي لا يمكن أن تدخل في نظام معيشتنا الاجتماعية الحالية ويضرب الأمثلة من نظم هذا التمدن في الحكم وهي في رأيه أقل من المستوى الذي بلغه اليونان والرومان في كفالة الحريات [115] كما يضرب أمثلة من نظام الأسرة ليبين أنه كان غاية في الانحلال وأن الفرق واسع بينه وبين النظم والقوانين التي وضعها الأوربيون لتأكيد روابط الأسرة)
ويختم ذلك متسائلاً: (إذا كانت هذه حالهم فما الذي يطلب منا أن نستعيره منها؟ .. وأي شيء منها يصلح لتحسين حالنا اليوم؟)
ثم يقول: (متى تقرر أن المدنية الإسلامية هي غير ما هو راسخ في مخيلة الكتاب الذين وصفوها بما يحبون أن تكون عليه لا بما كانت في الحقيقة عليه وثبت أنها كانت ناقصة من وجوه كثيرة فسيان عندنا بعد ذلك أن احتجاب المرأة كان من أصولها أو لم يكن وسواء صح أن النساء في أزمان خلافة بغداد والأندلس كن يحضرن مجالس الرجال أو لم يصح فقد صح أن الحجاب هو عادة لا يليق استعمالها في عصرنا) اهـ (116)
= يجدر التنبيه إليه أن مصطلح " رجل الدين " مصطلح دخيل على الفهم الإسلامي
الصحيح بل كل مسلم ينبغي أن يكون رجل دين عليه واجبات تجاه دينه لابد من تأديتها حتى يستحق وصف المسلم. [115] هذه المقارنة بين الحضارة الإسلامية والحضارة الرومانية وترجيح كفة الأخيرة تبين أن المعين الذي كان يستمد منه قاسم أمين وأضرابه هو كتابات (المتحررين) في أوربا الذين كانوا يحقرون الحضارة المسيحية ويمجدون الحضارة اليونانية واللاتينية الوثنية السابقة على المسيحية وما هذه المقارنة الغبية إلا صورة جديدة تدل على التخلف الفكري والتقليد الأعمى الذي كان يعاني منه ذلك المفتون بحضارة الغرب الذي نلاحظ من كتاباته كم كان شامخ الأنف متغطرساً مع مواطنيه متعالياً على أمته وفي الوقت ذاته مهدور الكرامة مطأطأ الرأس ذليلاً أمام أعداء دينه وأمته قد وقف حياته على أن يجذب بمنهاجه السقيم أعناقنا نحن المسلمين وجباهنا - نحن الموحدين - لتستقر أمام أقدام أعدائنا اليهود والصليبيين خاشعة خاضعة.
(116) " المرأة الجديدة " ص (183) ويبدو أن الجذرية في كتابه الثاني هذا لم تكن رد فعل للهجوم القاسي من =