الثاني.. إنها قد خطت اليوم بعيداً في هذا الطريق حتى ليصعب عليها الارتداد عنه إن مصر تتحول إلى بلد أوربي بطريقة تثير الدهشة وقد أخذت إدارتها وأبنيتها وآثارها وشوارعها وعاداتها ولغتها وأدبها وذوقها وغذاؤها وثيابها تتسم كلها بطابع أوربي.. لقد اعتاد المصريون قضاء الصيف في أوربا (؟!) كما اعتاد الأوربيون قضاء الشتاء في مصر فلعل أوربا تقدر لمصر مسيرتها ولعلها ترد لها يوماً بعض هذا الود الكبير الذي تكنه لها مصر) [39] اهـ
ومما يجدر الإشارة إليه أن قاسماً استنكر في كتابه - المصريون - خطة بعض السيدات المصريات اللائي يتشبهن بالأوربيات فاقتنص بعض خصومه الفرصة ووشوا به إلى الأميرة نازلي بأن قاسماً إنما يعنيها هي بهذا التعريض بذم المصريات اللائي يقلدن الإفرنجيات ويسرن سيرتهن لأنه لم يكن في نساء مصر آنذاك من يتشبه بالنساء الأوربيات غيرها (40)
فقد كانت الوحيدة التي تختلط بالرجال وتجالسهم في صالونها الذي افتتحته آنذاك ليكون مركزاً تبث منه الدعوة إلى التغريب عامة وإلى "تحرير المرأة" خاصة [41] . [39] المصدر السابق (1/263) .
(40) من مقال لداود بركات رئيس تحرير الأهرام (جريدة الأهرام مايو 1928 (. [41] {وكان من رواد " صالون الضرار " هذا سعد زغلول والشيخ محمد عبده واللقاني ومحمد بيرم وغيرهم وكانت نازلي
تؤيد هؤلاء في قصر الدوبارة وهو مقر المندوب السامي الإنكليزي ضد قصر عابدين وتسعى لترقيتهم وهم يعتمدون
عليها في كل أمر وكانت الأميرة نازلي قد افتتحت هذا المنتدى إثر عودتها إلى مصر بعد الاحتلال وبعد أن قويت روابطها
مع اللورد كرومر واتخذت من المعتمد البريطاني أداة لحماية رواد هذه الدعوة وتعبئتهم لتوجيه هذه الحركة متى أمكن
ذلك} اهـ من (الأخوات المسلمات) ص 240 وما بعدها، (الحركات النسائية في الشرق) ص 15، مقالة داود
بركات في عدد الأهرام الخاص بمرور 75 عاماً على تأسيسه.