والقول الأول يرجحه ابن دقيق العيد والثاني يرجحه النووي عن الإمام الشافعي. وقال الإمام مالك: القصر سنة فمن فعل فقد أصاب ومن لم يفعل فليس عليه شيء.
بعض الأدلة للإمام أبي حنيفة ومن معه لوجوب القصر:
1. حديث عائشة: أنها قالت: الصلاة أول ما فرضت ركعتين، فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر. قال الزهري: "فقلت لعروة: ما بال عائشة تتم قال: تأولت كما تأول عثمان"[1].
وقد أخرج ابن جرير في تفسير سورة النساء: أن عائشة كانت تصلي في السفر أربعاً، فإذا احتجوا عليها تقول: "إن النبي صلى الله عليه وسلم كان في حرب، وكان يخاف، فهل تخافون أنتم".
أخذ الإمام أبو حنيفة بظاهر قولها: ((فرضت صلاة السفر لركعتين)) وقال غيره: معنى قولها: فرضت ركعتين لمن أراد الاقتصار عليهما فزيد في صلاة الحضر ركعتان على سبيل التحتيم وأقرت صلاة السفر على جواز الاقتصار وثبتت دلائل الاتمام فوجب المصير إليها[2].
ويقال أيضاً: إن عائشة لم تدرك تشريع الأحكام بمكة لأنها كانت صغيرة والحديث موقوف عليها لم تسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجب التأويل وقد قال بعض العلماء إن ذلك كان من فقهها: منهم القاضي عياض. وقالوا: لو كان ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لتواتر نقله عن جملة من الصحابة لأن الصلاة من معالم الدين ولا يمكن أن تكون خافية على جمهور الناس.
ثم روي عن عائشة رضي الله عنها كما روى الترمذي في جامعه[3] وغيره أنها كانت تتم الصلاة في السفر فلو كانت تعتقد أن الصلاة في السفر ركعتين لا زيادة عليهما وأنهما على سبيل الوجوب فما كان لها أن تخالف هذا..قال تأولت كما تأول عثمان وسوف يأتي هذا.
قال الحافظ: وقد جاء عنها سبب الاتمام صريحاً فيما أخرجه البيهقي [4]من طريق هشام بن عروة عن أبيه أنها كانت تصلي في السفر أربعاً فقلت لها: لو صليت ركعتين، فقالت: يا ابن أختي إنه لا يشق علي، إسناده صحيح وهو دال على أن القصر رخصة. وأن الإتمام لمن لا يشق عليه أفضل. انتهى كلامه [5]. [1] رواه البخاري (2 / 569 مع الفتح) ومسلم (2/478) وأبو داود (2/5) . [2] انظر شرح مسلم للنووي (5/195) . [3] 2/430. [4] 3/143. [5] الفتح (2/571) .