responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صحيح المقال في مسألة شد الرحال المؤلف : الربيعان، عبد العزيز بن عمر    الجزء : 1  صفحة : 214
ثمَّ مَا معنى قَوْلكُم يَا فَضِيلَة الشَّيْخ: "فَلَا انفكاك لأَحَدهمَا عَن الآخر"، وَأَنْتُم تعنون إتْيَان الْمَسْجِد النَّبَوِيّ للصَّلَاة فِيهِ، وزيارة الْقَبْر الشريف، فَعدم الانفكاك هَذَا هَل هُوَ لأمر شَرْعِي أم لأمر عَقْلِي؟.. وَمرَّة أُخْرَى هَل أَخَذْتُم هَذَا الحكم من شرع الله الْمنزل على رَسُوله؟.. فلماذا لم تَذكرُوا دليلكم على مَا قُلْتُمْ، وَبِه حكمتم؟.. هَل خطابكم وبحثكم موجه إِلَى الْعَامَّة فَقَط؟ وَلَا نصيب فِيهِ لطلبة الْعلم.. إِن كَانَ كَذَلِك فقد أجحفتم يَا فَضِيلَة الشَّيْخ فِي حق طلبة الْعلم، وتجاهلتم حصتهم فِي الْفَائِدَة..
أم أَنكُمْ أَخَذْتُم هَذَا الحكم من مُقْتَضى الْعقل؟.. فَلَو تكرمتم فبينتم وَجه اسْتِحَالَة هَذَا الانفكاك من النَّاحِيَة الْعَقْلِيَّة؛ لِأَنِّي بحثت مَعَ عدد لَا بَأْس بِهِ من طلبة الْعلم فِي هَذَا الْمَوْضُوع، والتمسنا وَجه عدم الانفكاك بَين وُصُول الْمَسْجِد النَّبَوِيّ وَالصَّلَاة فِيهِ، وَبَين زِيَارَة الْقَبْر النَّبَوِيّ؛ بحثنا ذَلِك من النَّاحِيَة الشَّرْعِيَّة وَمن النَّاحِيَة الْعَقْلِيَّة؛ فَلم يظْهر لنا شئ من ذَلِك.

الْخُلَاصَة:
وخلاصة القَوْل هُنَا أَن فَضِيلَة الشَّيْخ أَرَادَ أَن يقْضِي على مشكلة طالما استثارت النقاش والجدال بَين المتمسكين بِالسنةِ المتقيدين بالنصوص الشَّرْعِيَّة- خَاصَّة فِي أُمُور الْعِبَادَات - من جَانب، وَبَين غَيرهم مِمَّن تهاونوا فِي أَمر الْبدع وتساهلوا مَعهَا، بل وحاولوا أَن يجْعَلُوا من بعض الْبدع سننا يلْزم النَّاس بهَا، ويهاجمون ويتهمون إِذا لم يقبلوها أَو طولبوا بِالدَّلِيلِ على أَنَّهَا من دين الْإِسْلَام - من جَانب آخر.
أَرَادَ الشَّيْخ أَن يقْضِي على هَذِه المشكلة، وَيُوجد الرَّأْي تجاه تِلْكَ الْمَسْأَلَة بجرة قلم، وبكلمات لَا تبلغ الْعشْرَة أسطر، وَنحن نقُول: بَارك الله فِيك، وَنحن من ورائك ضد الْخلاف وضد أَسبَابه، وَلَكِن بِشَرْط - يَا فَضِيلَة الشَّيْخ - أَن يكون الْمَذْهَب المقبول الَّذِي نَبْنِي عَلَيْهِ هُوَ الْمَذْهَب المتمشي مَعَ السّنة، وَالَّذِي عَلَيْهِ سلف الْأمة، وَلَو لم يكن هُوَ الْمُوَافق لعواطف الْعَامَّة وَالْمُنَاسِب لأذواقهم.
وَيَقُول الشَّيْخ حفظه الله: لِأَن الْمَسْجِد مَا هُوَ إِلَّا بَيته - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم -، وَهل بَيته إِلَّا جُزْء من الْمَسْجِد؟ كَمَا فِي حَدِيث الرَّوْضَة: " مَا بَين بَيْتِي ومنبري رَوْضَة من رياض الْجنَّة".. ثمَّ قَالَ: فَهَذِهِ قُوَّة ربط بَين بَيته ومنبره فِي مَسْجده.
وَهنا نناقش فضيلته فَنَقُول: الْمَسْجِد النَّبَوِيّ لَيْسَ هُوَ بَيت الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بل هُوَ بَيت الله وَمَسْجِد رَسُوله، وَبَيت الْإِنْسَان غير مَسْجده، وبيته - عَلَيْهِ السَّلَام - لَيست جُزْءا من الْمَسْجِد لَا قبل وَفَاته - عَلَيْهِ السَّلَام - وَلَا بعد وَفَاته وَدَفنه فِيهِ، فداؤه آبَاؤُنَا وَأُمَّهَاتنَا وأنفسنا وأبناؤنا، مَاذَا لَو كَانَ الْأَمر كَمَا زعم لَكَانَ الرَّسُول وصاحباه مدفونين فِي الْمَسْجِد، وَهل يجوز دفن الْأَمْوَات فِي الْمَسَاجِد واتخاذها مَقَابِر؟.. أبعد الله ذَلِك الْيَوْم الَّذِي تصبح فِيهِ مَسَاجِدنَا مَقَابِر، مِثْلَمَا وَقع فِي بعض الْبِلَاد الْأُخْرَى، وَلَو كَانَ بَيته جُزْءا من الْمَسْجِد مَا سَاغَ أَن يَقع فِيهِ مَا لَا يَلِيق بالمساجد كقضاء الْحَاجة؛ إِذْ الْمَسَاجِد لَا يَلِيق بهَا إِلَّا الْعِبَادَة من صَلَاة وتلاوة وَذكر، وَمَا يمت إِلَى ذَلِك بصلَة من مدارسة علم وَبحث شؤون الْمُسلمين

اسم الکتاب : صحيح المقال في مسألة شد الرحال المؤلف : الربيعان، عبد العزيز بن عمر    الجزء : 1  صفحة : 214
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست