اسم الکتاب : سبيل الدعوة الإسلامية للوقاية من المسكرات والمخدرات المؤلف : الخولي، جمعة علي الجزء : 1 صفحة : 103
الإمام فإن احتاج إلى ذلك لكثرة الشرب أو إصرار الشارب ونحو ذلك فعل، وقد كان عمر ابن الخطاب يعزر بأكثر من ذلك، كما روى عنه أنه كان ينفى الشارب عن بلده ويمثل بحلق رأسه ثم قال:"وقد روى من وجوه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من شرب الخمر فاجلدوه ثم إن شربها فاجلدوه، ثم إن شربها فاجلدوه ثم إن شربها الثالثة أو الرابعة فاقتلوه" فأمر بقتل الشارب في الثالثة أو الرابعة، وأكثر العلماء لا يوجبون القتل، بل يجعلون هذا الحديث منسوخاً، وهو المشهور من مذاهب الأئمة، وطائفة يقولون، إذا لم ينتهوا عن الشرب إلا بالقتل جاز ذلك، كما في حديث آخر في السنن أنه نهاهم عن أنواع من الأشربة قال: "فإن لم يدعوا ذلك فاقتلوهم" والحق ما تقدم، وقد ثبت في الصحيح أن رجلا كان يدعى حمارا، وكان يشرب الخمر فكان كلما شرب جلده النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله"، وهذا يقتضي أنه جلد مع كثرة شربه [1].
أما المخدرات فقد ذهب فريق من الفقهاء إلى أنه لم يرد في تناولها حد مقرر، وكل ما كان كذلك وجب فيه التعزير فقط ولعل حجتهم في ذلك أن الحد في المائع المطرب، أما المأكول الذي لا تتحققق فيه خاصية الطرب فلا [2].
وذهب آخرون ومنهم ابن تيمية وابن حجر الهيثمي وابن حزم إلى أن العقوبة في المخدرات هي حد السكر وقياسها على المسكرات لوجود تغطية العقل في كل منهما قال ابن تيمية:"وأما قليل الحشيشة المسكرة فحرام عند جماهير العلماء كسائر القليل من المسكرات، وقول النبي صلى الله عليه وسلم كل مسكر خمر وكل خمر حرام يتناول ما يسكر ولا فرق بين أن يكون المسكر مأكولاً أو مشروباً أو جامداً أو مائعاً فلو اصطبغ كالخمر كان حراماً، ولو أماع الحشيشة وشربها كان حراماً ونبينا صلى الله عليه وسلم بعث بجوامع الكلم فإذا قال كلمة جامعة كانت عامة في كل ما يدخل في لفظها ومعناها سواء كانت الأعيان موجودة في زمانه أو مكانه أو لم تكن [3]. [1] الفتاوى ج34 / 216، 217. [2] هكذا يرى متقدموا الحنفية حاشية ابن عابدين 3/228 ط بولاق 1326 وإن كان المتأخرون أفتوا بوجوب الحد لفشو هذا الفعل وانتشاره بين الناس، انظر تنوير الأبصار مع حاشية ابن عابدين ج 6 / 458 ط سنة 1966 ثانية.
والشافعية لا يرون الحد أيضا إلا إذا أذيبت بحيث تقذف بالزبد وصارت تطرب كالخمر ففيها الحد انظر: نهاية المحتاج 8 /12 ط الحلبي ومغني المحتاج 4 /187.
كما يرى المالكية أن الحد مختص بالمائعات المغيبة للعقل، انظر: "بلغة السالك "198، 323.
وحكى القرافي الخلاف بين فقهاء عصره في حكم تعاطي الحشيشة هل هي الحد أو التعزير، انظر الفروق 1 / 216 أما القرافي فقال لا أوجب فيها الحد بل التعزير الزاجر عن ملابستها 1 /218. [3] انظر: في ذلك الفتاوى ج 34، 204، 205.
اسم الکتاب : سبيل الدعوة الإسلامية للوقاية من المسكرات والمخدرات المؤلف : الخولي، جمعة علي الجزء : 1 صفحة : 103