responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل ابن حزم المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 97
تحكمها ولا من تصفيتها أن تقصد إلى الحديد على انه من شكلها وعنصرها، كما أن قوة الحديد لشدتها قصدت إلى شكلها وانجذبت نحوه، إذ الحركة أبداً إنما تكون من الأقوى، وقوة الحديد متروكة الذات غير ممنوعة بحابس، تطلب ما يشبهها وتنقطع إليه وتنهض نحوه بالطبع والضرورة وليس بالاختيار والتعمد. وأنت متى أمسكت الحديد بيدك لم ينجذب، إذ لم يبلغ من قوته أيضاً مغالبة الممسك له مما هو أقوى منه. ومتى كثرت أجزاء الحديد اشتغل بعضها ببعض واكتفت بأشكالها عن طلب اليسير من قواها النازحة عنها، فمتى عظم جرم المغنيطس ووازت قواه جميع قوى جرم الحديد عادت إلى طبعها المعهود.
وكالنار في الحجر [1] لا تبرز على قوة النار في الاتصال والاستدعاء لأجزائها حيث كانت إلا بعد القدح ومجاورة الجرمين بضغطهما واصطكاكهما، وإلا فهي كامنة في حجرها لا تبدو ولا تظهر.
ومن الدليل على هذا أيضاً أنك لا تجد اثنين يتحابان إلا وبينهما مشاكلة واتفاق [في] الصفات الطبيعية، لابد في هذا وإن قل، وكلما كثرت الأشباه زادت المجانسة وتأكدت المودة، فانظر هذا تره عياناً، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكده: " الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف " [2] ، وقول مروي عن أحد الصالحين:

[1] هذا التمثيل إنما يصح اعتماداً على نظرية " الكمون " التي كانت سائدة حينئذ؛ أي أن النار كامنة في الحجر، ومهمة القدح أن يستخرجها " انظر الحيوان للجاحظ 5: 10 وما بعدها "؛وتشبيه الحب بالنار الكامنة، ورد على لسان جارية في قصة في الموشي: 71 " له كمون ككمون النار في الحجر إن قدحته أورى، وإن تركته توارى "؛ وفي ديوان الصبابة: 10.
[2] ورد هذا الحديث في البخاري (باب الأنبياء:2) ومسلم " باب البر: 159، 160) ومسند أحمد 2: 295، 527،537 وانظر بهجة المجالس 1: 641 والصداقة والصديق: 136 والموشى: 25 ومحاضرات الراغب 2: 9، 53، ونسب إلى سقراط قوله: " النفوس أشكال فما تشاكل منها اتفق وما تضاد اختلف " (مختار الحكم: 93) وانظر روضة المحبين: 73 وأورد فيه قصة؛
اسم الکتاب : رسائل ابن حزم المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 97
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست