اسم الکتاب : رسائل ابن حزم المؤلف : ابن حزم الجزء : 1 صفحة : 365
فنقول، وبالله التوفيق: كلا ما نحض [1] إلا على المسامحة والايثار والتغافل - ليس لأهل التغنم - لكن للصديق حقاً، فإن أردت معرفة وجه العمل في هذا والوقوف على نهج الحق فإن القضية [2] التي توجب الأثرة من المرء [3] على نفسه صديقه ينبغي لكل واحد من الصديقين أن يتأمل ذلك النازل [4] ، فأيهما كان أمس حاجة فيه وأظهر ضرورة لديه، فحكم الصداقة والمروءة تقتضي للآخر وتوجب عليه أن يؤثر على نفسه في ذلك، فأن لم يفعل فهو متغنم [5] مستكثر، لا ينبغي أن يسامح البتة، إذ ليس صديقاً ولا أخاً. فأما إذا استوت حاجتهما واتفقت ضرورتهما، فحق الصداقة ههنا أن يسارع كل واحد منهما إلى الأثرة على نفسه، فإن فعلا ذلك فهما صديقان، وإن بدر أحدهما إلى ذلك ولم يبادر الآخر إليه، فإن كانت عادته هذه فليس صديقاً ولا ينبغي أن يعامل معاملة الصداقة، وإن كان قد يبادر هو أيضاً إلى مثل ذلك في قضية أخرى فهما صديقان.
105 - من أردت قضاء حاجته بعد أن سألك إياها أو أردت ابتداءه بقضائها، فلا تعمل له إلا ما يريد هو لا ما تريد أنت، وإلا فأمسك. فإن تعديت هذا كنت مسيئاً لا محسناً، ومستحقاً للوم منه ومن غيره لا للشكر، ومقتضياً للعداوة لا للصداقة.
106 - لا تنقل إلى صديقك ما يؤلم نفسه ولا ينتفع بمعرفته، بهذا فعل الأراذل [6] ، ولا تكتمه ما يستضر بجهله فها فعل أهل الشر. [1] د: فنقول وبالله تعالى التوفيق كلاما ما نحض [2] ص: القصة. [3] ص: الأمر. [4] د: الأمر. [5] ص: معتم، والتصويب عن م. [6] ص: الادراك.
اسم الکتاب : رسائل ابن حزم المؤلف : ابن حزم الجزء : 1 صفحة : 365