responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل ابن حزم المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 337
على وجوده ككثير من الأنبياء، عليهم السلام، ومن تلاهم من الزهاد والفلاسفة، وفي الناس من يبغض اللذات بطبعه ويستنقص طالبها كمن ذكرنا من المؤثرين فقد المال على اقتنائه، وفي الناس من يؤثر الجهل على العلم كأكثر من نرى من العامة، وهذه هي أغراض الناس التي لا غرض لهم سواها. وليس في العالم مذ كان إلى أن يتناهى أحد [1] يستحسن الهم، ولا يريد إلا طرحه عن نفسه.
فلما استقر في نفسي هذا العلم الرفيع، وانكشف لي هذا السر العجيب وأنار الله تعالى لفكري هذا الكنز العظيم بحثت عن سبيل موصلة على الحقيقة إلى طرد الهم الذي هو المطلوب النفيس الذي اتفق جميع أنواع الانسان، الجاهل منهم والعالم والصالح والطالح على السعي له. فلم أجدها إلا التوجه إلى الله عز وجل بالعمل للآخرة. وإلا فإنما طلب المال طلابه ليطردوا به عن أنفسهم هم الفقر، وإنما طلب الصوت من طلبه ليطرد به عن نفسه هم الاستعلاء عليها، وإنما طلب اللذات من طلبها ليطرد به عن نفسه هم الجهل، وإنما هش إلى سماع الأخبار ومحادثة الناس من يطلب ذلك ليطرد بها عن نفسه هم التوحد ومغيب أحوال العالم عنه، وإنما أكل من أكل وشرب من شرب، ونكح من نكح، ولبس من لبس، ولعب من لعب، واكتنز من اكتنز، وركب من ركب، ومشى من مشى، وتودع من تودع، ليطردوا عن أنفسهم أضداد هذه الأفعال وسائر الهموم.
وفي كل ما ذكرنا لمن تدبره هموم حادثة لابد منه: من عوارض تعرض في خلالها وتعذر ما يتعذر منها، وذهاب ما وجد منها والعجز عنه لبعض الآفات الكائنة، وأيضاً سوء شح [2] بالحصول على ما حصل عليه

[1] ص: لأحد، والتصويب عن م.
[2] د والمحمصاني: وأيضاً نتائج سوء تنتج.
اسم الکتاب : رسائل ابن حزم المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 337
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست