اسم الکتاب : رسائل ابن حزم المؤلف : ابن حزم الجزء : 1 صفحة : 264
فقال: إني أقطعها وأنا أدري أني أقطع فيها أدباً كثيراً، ولكن لو كان أبو محمد - يعنيني - حاضراً لدفعتها إليه تكون عنده تذكرة لمودتي، ولكني لا أعلم أي البلاد اضمرته ولا أحي هو أم ميت؛ وكانت نكبتي اتصلت به ولم يعلم مستقري ولا إلى ما آل إليه أمري؛ فمن مراثي له قصيدة منها: [من المتقارب] .
لئن سترتك بطون اللحود ... فوجدي بعدك لا يستتر
قصدت ديارك قصد المشوق ... وللدهر فينا كرور ومر
فألفيتها منك قفراً خلاء ... فأسكبت عيني عليك العبر وحدثني أبو القاسم الهمذاني [1] رحمه الله قال: كان معنا ببغداد أخ لعبد الله بن يحيى بن أحمد بن دحون الفقيه [2] ، الذي عليه مدار الفتيا بقرطبة، وكان أعلم من أخيه وأجل مقداراً، ما كان في أصحابنا ببغداد مثله، وأنه اجتاز يوماً بدرب قطنة [3] ، في زقاق لا ينفذ، فدخل فيه فرأى في أقصاه جارية واقفة مكشوفة الوجه، فقالت له: يا هذا إن الدرب لا ينفذ، قال: فنظر إليها فهام بها. قال: وانصرف إلينا فتزايد [1] هو أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الهمذاني (أو الهمداني) الوهراني المعروف بابن الخراز، رحل إلى المشرق ولقي الأبهري أبا بكر وغيره، وكان رجلاًُ صالحاً منقبضاً، داره ببجانة، وكان معاشه يبتاعه ببجانة ويقصرها ويحملها إلى قرطبة فتباع له ويبتاع بثمنها ما يصلح لبجانة، ويجلب معه كتبه فتقرأ عليه من خلال ذلك، وكان يرد قرطبة كل عام إلى ان وقعت الفتنة، وتوفي سنة 411، وروى عنه ابن حزم وابن عبد البر وغيرهما (الصلة: 305 والجذوة 256 والبغية رقم: 1022) قلت: وقد ورد " الهمذاني " بالذال المعجمة بضبط ابن بشكوال، وفي الجذوة بالمهملة، والأولى أرجح، رغم أنه وهراني. [2] هو أبو محمد عبد الله بن يحيى بن أحمد المعروف بابن دحون (- 431هـ) . كان من جلة الفقهاء وكبارهم عارفاً بالفتوى حافظاً للرأي على مذهب مالك وأصحابه عارفاً بالشروط وعللها، عمر وأسن وانتفع الناس به (الصلة: 260) . [3] لم يذكر لسترانج في كتابه:
(Baghdad During the Abbasid Caliphate)
درباً بهذا الاسم؛ وأقرب ما وجدته هنالك " دار القطنية " (أي قصر سوق القطن) فلعل هنالك درباً مجاورة له كانت تسمى " درب القطنية " ويلي هذا من حيث شكل الكلمة " درب قحطبة " (140، 141) .
اسم الکتاب : رسائل ابن حزم المؤلف : ابن حزم الجزء : 1 صفحة : 264