اسم الکتاب : رسائل ابن حزم المؤلف : ابن حزم الجزء : 1 صفحة : 201
هجرت من أهواه لا عن قلى ... يا عجباً للعاشق الهاجر
لكن عيني لم تطق نظرة ... إلى محيا الرشأ الغادر
فالموت أحلى مطعماً [1] من هوى ... يباح للوارد والصادر
وفي الفؤاد النار مذكية ... فاعجب لصب جزع صابر
وقد أباح الله في دينه ... تقية المأسور للآسر
وقد احل الكفر خوف الردى ... حتى ترى المؤمن كالكافر خبر:
ومن عجيب ما يكون فيها وشنيعه أني أعرف من هام قلبه بمنتاء عنه نافر منه، فقاسى الوج زمناً طويلاً، ثم سنحت له الأيام بسانحة عجيبة من الوصل أشرف منها على بلوغ أمله، فحين لم يكن بينه وبين غاية رجائه إلا ك " لا " و " لا " [2] عاد الهجر والبعد إلى أكثر مما كان قبل، فقلت في ذلك: [من السريع] .
كانت إلى دهري لي حاجة ... مقرونة في البعد بالمشتري
فساقها باللطف حتى إذا ... كانت من القرب على محجري (3)
أبعدها عني فعادت كان ... لم تبد للعين ولم تظهر وقلت: [من الطويل]
دنا أملي حتى مددت لأخذه ... يداً فانثنى نحو المجرة راحلا
فأصبحت لا أرجو وقد كنت موقناً ... وأضحى مع الشعرى وقد كان حاصلا
وقد كنت محسوداً فأصبحت حاسداً ... وقد كنت مأمولاً فأصبحت آملاً
كذا الدهر في كراته وانتقاله ... فلا يأمنن الدهر من كان عاقلا [1] قرئت مطمعاً في بعض الطبعات، ومن حسن الظن أن يقال إنها خطأ مطبعي. [2] إلا ك " لا " و " لا " دلالة على قصر الزمن، وهو تعبير مشهور، ورغم ذلك فقد أثبتت اللفظة في بعض الطبعات " كهؤلاء ".
(3) المحجر: العظم المحيط بالعين، أي قريبة جداً.
اسم الکتاب : رسائل ابن حزم المؤلف : ابن حزم الجزء : 1 صفحة : 201