responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل ابن حزم المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 185
لا مرد له ولا بد منه، هذا عطاء لم يحصل عليه أحدا، وحاجة لم تقض لكل طالب. ولولا أن مع هذه الحال الإشفاق من بغتات المقادير المحكمة في غيب الله عز وجل، من حلول فراق لم يكتسب، واخترام منية في حال الشباب، أو ما أشبه ذلك، لقلت إنها حال بعيدة من كل آفة، وسليمة من كل داخلة.
ولقد رأيت من اجتمع له هذا كله، إلا أنه كان دهي في من كان بحبه بشراسة أخلاق، ودالة على المحبة، فكانا لا يتهنيان العيش ولا تطلع الشمس في يوم إلا وكان بينهما خلاف فيه، وكلاهما كان مطبوعا بهذا الخلق، لثقة كل واحد منهما بمحبة صاحبه، إلى أن دبت النوى بينهما فتفرقا بالموت المرتب لهذا العالم، وفي ذلك أقول: [من المنسرح] .
كيف أذم النوى واظلمها ... وكل أخلاق من احب نوى
قد كان يكفي هوى أضيق به ... فكيف إذ حل بي نوى وهوى وروي عن زياد بن أبي سفيان رحمه الله انه قال لجلسائه: من انعم الناس عيشة قالوا: أمير المؤمنين. فقال: وأين ما يلقى من قريش قيل: فأنت. قال أين ما ألقى من الخوارج والثغور قيل: فمن أيها الأمير قال: رجل مسلم له زوجة مسلمة لهما كفاف من العيش، قد رضيت به ورضي بها، لا يعرفنا ولا نعرفه [1] .
وهل فيما وافق إعجاب المخلوقين، وجلا القلوب، واستمال الحواس، واستهوى النفوس، واستولى على الأهواء، واقتطع الألباب،

[1] ورد هذا الخبر في بهجة المجالس 1: 117 على النحو الآتي: قال زياد لجلساته: من أغبط عيشاً؛ قالوا: الأمير وجلساؤه، فقال: ما صنعتم شيئاً إن لأعواد المنابر هيبة، وان لقرع لجام البريد لفزعة، لكن اغبط الناس عندي رجل له دار لا يجري عليه كرؤها، وله زوجة صالحة قد رضيته ورضيها فهما راضيان بعيشهما، لا يعرفنا ولا نعرفه، فإنه إن عرفنا وعرفناه اتعبنا لليه ونهاره، وأفسدنا دينه ودنياه.
اسم الکتاب : رسائل ابن حزم المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 185
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست