المطلب الثالث: في المقصود بإقامة الصلاة على ضوء الآية الكريمة
... المطلب الثالث: في المقصود بإقام الصلاة على ضوء الآية الكريمة:
قال الراغب الأصفهاني[1] في مفرداته: "وإقامة الشيء توفيته حقه" ثُمَّ قال: "ولم يأمر الله تعالى بالصلاة حينما أمر، ولا مدح بها حينما مدح، إلاَّ بلفظ الإقامة تنبيهاً أنَّ المقصود منها توفية شرائطها لا الإتيان بهيئاتها"[2].
ومن هنا ندرك أنَّ إقامة الصلاة في القرآن أمر زائد على مجرَّد فعل الصلاة. فالصلاة هي حركة الأجساد الخاصة من قيام وقعود وركوع وسجود ودعاء وتسبيح وتكبير وتحميد ونحو ذلك. وبها يعتد في أحكام الدنيا.
أمَّا تمامها الذي يحصل به الثواب فهو إقامتها بحضور القلب فيها. ومن هنا يحصل التفاوت بين المصلين مع أنَّ الحركات الظاهرة واحدة شكلاً وزمناً، لكنها تختلف وتتباين في حضور القلب والخشوع. فليس للعبد من صلاته إلاَّ ما عقل منها وحضر قلبه فيها.
وهذا ما يؤكد أنَّ حضور القلب في الصلاة هو روحها ولبها، وبقدر حضور القلب فيها تكون إقامتها. فإذا تجرَّدت من حضور القلب لم تقترن في القرآن الكريم بلفظ الإقامة.
وقد سبق أنَّ مِمَّا يدل على مكانة الصلاة كونها تأتي بعد الشهادتين. فهي الركن الثاني من أركان الإسلام - كما في الحديث: "بني الإسلام على خمس: [1] هو: الحسين بن محمد بن الفضل - أو المفضل - من أهالي أصبهان، أديب لغوي، مفسر، توفي سنة 502 هـ.
الأعلام 2/279، معجم المؤلفين 4/9، البلغة في علوم اللغة ص 153، مقدمة المفردات ص 3 [2] المفردات للراغب الأصفهاني ص 429، الصلاة في القرآن ص 54