المطلب الثاني: أنَّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب:
وبيان ذلك أنَّ سبب نزول الآية - كما سبق - هو إيذاء كفار قريش لأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وهجرتهم إلى المدينة. ولكن نَظْم الآية والقوالب التي صيغت بها معانيها، جاءت عامَّة كليةً تشمل جميع من توفرت فيه شروط التمكين في الأرض، وقد مرَّ مَنْ قال بذلك من المفسرين[1].
والقاعدة عند العلماء والأصوليين والمفسرين: أنَّ الآية إذا كان لها سبب نزول خاص، وكذا الحديث، إذا كان وارداً على سببٍ خاصٍّ. فإنَّ الحكم لا يكون مقصوراً على السبب. وإن كان دخول صورة السبب في الحكم
لها الأولوية؛ لأنَّ العبرة بعموم اللفظ عند استنباط الحكم لا بخصوص السبب، كما هو الراجح لدى كثيرٍ من العلماء. وعلى ذلك يكون الحكم الذي دلَّت عليه الآية الكريمة عامّاً لجميع مَنْ تحقَّقت فيه شروط التمكين في الآية[2].
وهذا أحد الأسباب التي توضح العلاقة بين دلالة الآية وموضوع البحث. [1] أحكام القرآن لابن العربي 6/376، وانظر ص 29 من البحث. [2] البحر المحيط 6/376