من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه (2)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد كان الحديث في الدرس الماضي يدور حول معنى: "من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه" وكيف كان الصيام دالًّا على هذا المعنى، ومرشدًا إليه.
والحديث هاهنا إكمال لما مضى، وسيدور حول ذكرٍ لأمور من تركها لله عوضه الله خيرًا منها؛ لعل النفوس تنبعث إلى فعل الخير، والإقصار عن الشر.
فمن ترك مسألَة الناس، ورجاءَهم، وإراقةَ ماءِ الوجه أمامهم، وعلَّق رجاءه بالله دون سواه -عَوّضَه خيرًا مما ترك، فرزقه حريةَ القلب، وعزةَ النفس، والاستغناء عن الخلق «ومن يتصبرْ يصبرْه الله، ومن يستعففْ يُعِفَّهُ الله» .
ومن ترك الاعتراض على قدر الله، فسلم لربه في جميع أمره رزقه الله الرضا واليقين، وأراه من حسن العاقبة ما لا يخطر له ببال.
ومن ترك الذهابَ إلى العرافين والسحرة رزقه الله الصبرَ، وصِدْقَ التوكل، وتَحَقُّقَ التوحيد.
ومن ترك التكالبَ على الدنيا جمع اللهُ له أمرَه، وجعل غناه في قلبه، وأَتَتْهُ الدنيا وهي راغمةٌ.