responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دروس رمضان المؤلف : الحمد، محمد بن إبراهيم    الجزء : 1  صفحة : 175
وإنما تمامُ الحرية - لا كمالُها - قد يكون بالمنع أحيانًا؛ فالمريضُ حين يُمنع عن الطعام الذي يضره هو حرٌّ لم يُنْتَقَصْ من حريته فتيلٌ ولا قطميرٌ؛ فذلك المنع إنما هو منعٌ مؤقتٌ؛ لتسلم له بعد ذلك حريتُه في تناول ما يشاء من الأغذية.
والمجرمُ تُحَدُّ حريتُه مؤقتًا؛ ليعرف كيف يستعمل حريته بعد ذلك في إطار كريم، لا يؤذي نفسه، ولا يؤذي الآخرين.
ثم إن الإنسانَ مدنيٌّ بطبعه؛ فلا يعيش وحده، وإنما يعيش في مجتمعٍ متماسك يؤذيه كلُّه ما يؤذي بعضَه، ومن هنا كانت الحريّةُ المطلقةُ فوضى.
أما كونُها عبوديةً ذليلةً فلأن تمامَ الحريةِ ألا يستعبدك أحدٌ ممن يساويك في الإنسانية، أو يكون دونك فيها.
وفي الفوضى التي يعبر عنها الناسُ بالحرية الشخصية عبوديةٌ ذليلةٌ لمن هو مثلُك، أو دونك من قيم الحياة المادية؛ فحين تستولي على الإنسان عادة ُالانطلاق وراء كلِّ لذةٍ، والانفلاتِ من كلِّ قيد يكون قد استعبدته اللذةُ على أوسع مدى، فيصبح أسيرًا لها مُكَبَّلًا في أغلالها، لا يجري في الحياة إلا لأجلها، ولا يعمل إلا وَفْقَ ما تريد؛ فهذه الحريةُ التي تنقلب إلى عبودية أهونُ ما في الحياة من قيمة ومعنى.

اسم الکتاب : دروس رمضان المؤلف : الحمد، محمد بن إبراهيم    الجزء : 1  صفحة : 175
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست