اسم الکتاب : تنقيح المناظرة في تصحيح المخابرة المؤلف : ابن جماعة، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 367
صقع من نواحي الأرض التي يسكنها المسلمون يبطلون العمل بها"[1].
وقال الماوردي في الحاوي - بعدما حكى المذاهب في المزارعة ومآخذها -: "ولما اقترن بدلايل الصحة عمل أهل الأمصار مع الضرورة الماسة إليها وكان ما عارضها محتملا أن يكون خارجا على ما فسره زيد بن ثابت وقاله ابن عباس كان صحة المخابرة أولى من فسادها مع شهادة الأصول لها في المساقات والمضاربة[2] ولا خفاء فيما ذكره الخطابي والماوردي فإن القياس وشهادة الأصول المذكورة، والقواعد المصلحية تشهد للمزارعة بالصحة، فإن الأرض عين تنمى بالعمل عليها توجب أن تجوز المعاملة عليها ببعض نمائها كالدراهم في المضاربة، والشجر في المساقاة، ولأن الحاجة ماسة إليها جدا، لأن أصحاب الأرض قد لا يحسنون العمل أو لا يقدرون عليه والعمال قد لا يكون لهم أرض كما هو الغالب في أقطار الأرض فوجب أن تقتضي حكمة الشرع الرفق بالطائفتين وحصول المصلحة للجهتين بجواز المزارعة كما قلنا في المضاربة والمساقاة، فإن العلة في الجميع سواء بل الحاجة هنا أمس لضرورة الناس إلى القوت؛ ولأن الأرض لا تصلح لغير العمل عليها بخلاف المال3 والشجر وقد قال الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [4] وقال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [5] ولا يخفى أن القول بمنع المزارعة عسرا وحرجا, ومن كلام الشافعي- رضي الله عنه- "إذا [1] معالم السنن 3/95. [2] الحاوي 7/452.
3من قول المصنف: "فإن القياس وشهادة الأصول" إلى قوله "ولأن الأرض لا تصلح لغير العمل عليها بخلاف المال" موجود بمعناه في المغني انظر: المغني 7/560. [4] سورة البقرة: آية 185. [5] سورة الحج: آية 78.
اسم الکتاب : تنقيح المناظرة في تصحيح المخابرة المؤلف : ابن جماعة، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 367