responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إمام المسجد مقوماته العلمية والخلقية المؤلف : سعود بن محمد البشر    الجزء : 1  صفحة : 15
(ومن تأمل خطب النبي صلى الله عليه وسلم وخطب أصحابه وجدها كفيلة ببيان الهدى والتوحيد، وذكر صفات الرب جل جلاله، وأصول الإيمان الكلية والدعوة إلى الله، وذكر آلائه تعالى التي تحببه إلى خلقه وأيامه التي تحذر من بأسه، والأمر بذكره وشكره الذي يحببهم إليه فيذكرون من عظمة الله وصفاته وأسمائه ما يحببه إلى خلقه، ويأمرون من طاعته وشكره وذكره ما يحببهم إليه فينصرف السامعون وقد أحبوه وأحبهم ثم طال العهد وخفي نور النبوة وصارت الشرائع والأوامر رسوما تقام من غير مراعاة حقائقها ومقاصدها) [1] .
رحم الله هذا العالم الجليل كأنه يرى بعينيه ويسمع بأذنيه ما عليه معظم خطباء هذا الزمان من الضجيج الإعلامي الفارغ، إذا سمع أحدهم خبرا في إذاعة مسموعة أو مرئية أو قرأ خبرا في صحيفة أو سمع قصة لا يدري ما مدى صحتها جعل من ذلك خطبة جمعة يرفع صوته ويمعر وجهه وينسج من الحبة قبة، فيخرج السامعون بقيل وقال ما له من حاصل إلا العناء وكلة الأذهان، ولقلة الفقه في الدين صار الناس يكثرون حول هذا الخطيب الذي جعل خطبة الجمعة محاضرة مليئة بالصراخ وصار

[1] انظر ابن القيم زاد المعاد. ج1 ص423 - 424
مقصد الدهماء من الجمعة حضور الخطبة لا الصلاة ونخشى مع طول الزمن أن ينسى الناس معنى الصلاة والخطبة.
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن النبي صلى الله عليه وسلم قدم من مكة وهي مليئة بالمشكلات ومشحونة بالأحداث الجسام والرسول صلى الله عليه وسلم حديث عهد بالمؤامرة الفاشلة التي دبرها خصوم الدعوة لاغتياله وكان المشركون قد خنقوه حتى كادت روحه تزهق لولا أن تداركه أبو بكر وهو يقول أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ولقي أصحابه في سبيل اتباعه أشد ما يلقاه أتباع نبي حيث عاملهم المشركون بما لا حد له من قسوة ووحشية.
وكان من الطبيعي في مفهومنا المعاصر أن يتعرض الرسول صلى الله عليه وسلم في أول خطبة يلقيها في المجتمع المدني المناصر له إلى هذه الأحداث ويذكر الأعداد ويندد بهم لكنه لم يذكر شيئا من ذلك إنما قصد المعنى الأسمى وهو التذكير بالله ولقائه فأين خطباء هذا العصر من هذا المنهج النبوي، ليتهم يفهمون ذلك جيدا حتى لا يشغلوا المنابر والمصلين بتتبع الأحداث التي تسمع في أكثر من وسيلة إعلامية بما يغني عن شغل المنابر بها ويحول الخطبة نشرة أخبار.
اسم الکتاب : إمام المسجد مقوماته العلمية والخلقية المؤلف : سعود بن محمد البشر    الجزء : 1  صفحة : 15
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست