responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : النقد والبيان في دفع أوهام خزيران المؤلف : القصاب، محمد كامل    الجزء : 1  صفحة : 178
وأي بدعة حدثت في الإسلام، ولو كانت خفيةً في المبادئ، فلا تلبث أن يتسع خرْقُها، ويعظم فتْقُها، ألا ترى هؤلاء المنشدين أمام الجنائز، فعلاوة عن كونهم خالفوا السُّنّة السَّنيَّة، وحالفوا البدعة السَّيّئة الدنيَّة، في مجرد وجودهم بهيئتهم، مع التَّصنُّع، والتَّنطُّع، والتَّكلُّف، والتَّعسُّف، فقد اتَّخذوها بضاعةً: تجارةً وإجارة، وتعهدوها احتكاراً، ولا تَسَلْ عن المشاركة، والمشاكسة، والمماكسة، والمعاكسة، والمناقصة، الأمر الذي انقلبتْ به الحقيقة، ودخلت به في قسم المعاصي، وخلتْ من روح الإخلاص، وتخلَّت من الخلاص، وإذا زجروا نفروا، وإذا أُمروا أَنِفُوا وعنَّفوا، وكم تعبنا لما عبنا! وعانينا لما عاينَّا! وقد جرى العملُ به بين العموم والخصوص، والمنكر له مكابر منكر للمحسوس، وذلك كلُّه بفضل المنشدين الجاهلين، والمرشدين المتساهلين.
فإذا كان الإمام النَّووي [1] -رحمه الله- شنَّع في ذلك، وذمّ الحال في أمده، فهل شهد بما لم يعلم، أو تحسن الأمر من بعده، والذي ينبغي اعتقاده في هذا المقام، واعتماده بين علماء الإسلام؛ هو: التَّخلِّي مع الجنازة من الجهر بكل شيء، والتحلِّي بحلية الحزن والصَّمْت، وحُلِّة السَّمت، اقتداءً بالمشرِّع [2] الأعظم -عليه وعلى آله الصَّلاة والسَّلام-، وقد استوفى أدلّة المذاهب الأربعة في ذلك أصلاً وفرعاً، بما في بعضه كفاية، لمن وقف عند حدود كلام ربِّ الأرباب بقوله -عز اسمه-: {فَبَشِّرْ عِبَادِ. الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [الزمر: 17-18] .
بدمشق الشَّام

[1] انظر: «المجموع» (4/56) ، و «الفتاوى» (ص 40 - جمع تلميذه ابن العطار) له، ونقله عنه ابن همات في «التنكيت» (ص 96) ، وغيره.
[2] النبي - صلى الله عليه وسلم - مبلِّغ لا مشرع، انظر التعليق على (ص 115) .
اسم الکتاب : النقد والبيان في دفع أوهام خزيران المؤلف : القصاب، محمد كامل    الجزء : 1  صفحة : 178
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست