responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : النقد والبيان في دفع أوهام خزيران المؤلف : القصاب، محمد كامل    الجزء : 1  صفحة : 130
فكيف ينكر على فاعله؟ على أنه قد شوهد من كثير من العوام الذين يحضرون هذا الاجتماع عند ما يقول المؤذِّنون: لا أوحش الله منك يا شهر رمضان، يا شهر القرآن، يا شهر التَّراويح، يا شهر التسابيح، وأشباه ذلك، البكاء والخشوع» انتهى.
فنقول: يفهم من كلامه هذا، إن إباحة التَّوحيش على رأيه متوقِّفة على خلو أناشيد الوداع عن التَّمطيط، الخارج عن الحدِّ، ومن التَّشويش على مصلٍّ، وهذا أمر لا يمكن إثباته؛ لأنَّ كلَّ الناس يعلم أنَّ المؤذِّنين لا يقصدون بإنشاد تلك القصائد التي ينشدونها إلا إدخال الطَّرب بأصواتهم الفجَّة، على السامعين الغافلين، وأكبر دليل على ذلك: مبالغة المنشدين مبالغةً موحشةً في تمطيط أصواتهم، وبح حناجرهم، واجتماع بعضهم إلى بعض؛ ليعظم الصَّوتُ، وتغلب اللهجة على المستمعين، وأدلُّ منه: عدمُ ملاحظتهم معنى الإنشاد الذي طبقه على الأحاديث التي أوردها؛ لأنَّ جميعَ المؤذِّنين والمنشدين أُمِّيون، لا يحسنون لفظ الأناشيد، ولا ينطقون بها صحيحة المبنى، على أنهم لو أحسنوا لفظَها، فإن لغطَ أصواتهم يضيِّعُ معناها، ففعل هؤلاء المنشدين بدعةٌ منكرةٌ، تنطبق عليه فتوى ابن عبد السلام، التي استدلَّ بها خزيران؛ لأنه ليس في إنشادهم ما يحرِّك الأحوالَ السَّنيَّة المذكِّرةَ للآخرة، وإن كان مواضيع القصائد صحيحاً، على أنا نقول: إنَّ رفع الأصوات بالأناشيد في المسجد، ولو كانت على الوجه الذي ذكره من حصول الخشوع والبكاء بها ممنوع شرعاً؛ لما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «جنِّبوا مساجدكم صبيانكم، ومجانينكم، وخصوماتِكم، وبيعَكم، وشراءكم، وسلَّ سيوفكم، ورفعَ أصواتكم، وإقامة حدودكم، وجمِّروها أيام جمعكم» [1] ،

[1] أخرجه الطبراني في «الكبير» (8 رقم 7601) ، و «مسند الشاميين» (رقم 3385) ، والبيهقي في «الخلافيات» -كما في «فتح الباري» (13/157) -، وابن عدي في «الكامل» (5/1861) ، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (3/347) -ومن طريقه ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (1/402) - من طريق العلاء بن كثير، عن مكحول، عن واثلة وأبي الدرداء وأبي أمامة رفعوه.
وإسناده واهٍ، فيه العلاء بن كثير.
قال أحمد في رواية حنبل -كما في «تهذيب الكمال» (22/535) -: «ليس بشيء» ، وقال البخاري في «ضعفائه الصغير» (رقم 284) : «منكر الحديث» ، وقال ابن حبان في= = «المجروحين» (2/182) : «كان يروي الموضوعات عن الأثبات» .
وله شواهد واهية، لا يفرح بها، وهذا البيان:
أخرج عبد الرزاق في «المصنف» (1/رقم 1728) ، وابن عدي في «الكامل» (4/1453-1454) من طريق عبد الله بن محرر، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة رفعه، وضعف عبد الله بن محرر: النسائي والسعدي وابن معين والفلاس وعبد الله بن المبارك وقتادة ووافقهم، وقال: «أحاديثه غير محفوظة» ، قاله الزيلعي في «تخريج أحاديث الكشاف» (1/325) .
وأخرج ابن ماجه في «سننه» (رقم 750) ، والطبراني في «الكبير» (22 رقم 136) ، و «مسند الشاميين» (رقم 3380) من طريق الحارث بن نبهان، عن عتبة بن يقظان، عن أبي سعيد، عن مكحول، عن واثلة بن الأسقع مرفوعاً به.
وإسناده واهٍ بمرة، أبو سعيد هو محمد بن سعيد المصلوب، قال أحمد: «كان يضع الحديث» ، وقال البخاري: «تركوه» ، وقال النسائي: «كذاب» ، والحارث بن نبهان ضعيف، قاله البوصيري في «زوائده على ابن ماجه» (1/265) ، وضعّفه ابن حجر في «فتح الباري» (3/157) .
وأخرج عبد الرزاق في «المصنف» (1/441-442 رقم 1729) -ومن طريقه إسحاق بن راهويه في «مسنده» ، كما في «تخريج الزيلعي للكشاف» (1/325) ، و «نصب الراية» (2/492) -، والطبراني في «الكبير» (20 رقم 669) من طريق عبد ربه بن عبد الله الشامي، عن مكحول، عن معاذ مرفوعاً.
ومكحول لم يسمع من معاذ، إلا أن في رواية الطبراني بين مكحول والشامي (يحيى ابن العلاء) ، كذا في «المعجم» ، وفي «مسند الشاميين» : «مكحول عن ابن العلاء عن معاذ» ، وأعله بالانقطاع ابن حجر في «تخريج الكشاف» (44) .
وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (1 رقم 1727) من مرسل مكحول.
والحديث ضعيف من طرقه كلها.
انظر: «فوائد حديثية» (153-154 - بتحقيقي) ، و «مجمع الزوائد» (2/25، 26) ، و «تفسير ابن كثير» (6/68) ، و «تفسير القرطبي» (12/270) ، و «الترغيب والترهيب» (1/199) ، و «تذكرة الموضوعات» (37) ، و «الأسرار المرفوعة» (172) ، و «كشف الخفاء» (1/400) ، و «الدرر المشتهرة» (68) ، و «إصلاح المساجد» (110) ، و «الأجوبة الفاضلة» = = (55) ، و «صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -» (97، 98) ، وكتابي «القول المبين» (ص 286-287) .
هذا، وقد شهدت خطر هذا الحديث الواهي، عندما رأيتُ بعضَ العامة من الجهلة يطردون الناشئة من بيوت الله، محتجّين بهذا الفقه، فينفّرونهم من الدين، على حين تفتح المؤسسات النصرانية صدرها وذراعيها لأبناء المسلمين مع أبنائهم، ولا قوة إلا بالله.
اسم الکتاب : النقد والبيان في دفع أوهام خزيران المؤلف : القصاب، محمد كامل    الجزء : 1  صفحة : 130
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست