اسم الکتاب : الكتاب والسنة أثرهما ومكانتهما والضرورة إليهما في إقامة التعليم في مدارسنا المؤلف : المدخلي، ربيع بن هادي الجزء : 1 صفحة : 181
مكانة السنة في نفوس الأمة:
من هنا أدركت الأمة الإسلامية عظمة السنة ومكانتها فحفظوها كما حفظوا القرآن وصانوها كما صانوا القرآن, ودوّنوا فيها الدواوين من الجوامع والمسانيد والمعاجم والأجزاء والمصنفات وألّفوا في رجالها وأسانيدها الكتب التي لا تحصى وألفوا الصحاح والسنن وفي الموضوعات والعلل بعد أن ميزوا الصحيح من الضعيف في الموضوع, وألوف المحدثين جندو أنفسهم لخدمتها وكابدوا في سبيلها المشاق والسهر والرحلات الطويلة إلى مختلف بلدان العالم الإسلامي من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه.
أما المؤلفات فهذه مكتبات الدنيا تزخر بها حتى مكتبات أوربا وأمريكا والهند حيث استحوذت على إعجابهم وأدركوا أنه أعظم كنز يتباهون به في مكتباتهم.
وأما الرحلات في سبيلها التي بذلها المسلمون في فجر تاريخهم فلا يحصيها إلا الله, وكتب التاريخ والرجال حافلة بذلك.
إلا أننا نختار هنا أربعة نمازج للتدليل على تقدير الأمة الإسلامية لسنة نبيهم واهتمامهم بها ومكانتها في أنفسهم.
1- خرج أبو أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- من المدينة النبوية إلى عقبة بن عامر بمصر يسأله عن حديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدم إلى منزل مسلمة بن مخلد الأنصاري وهو أمير مصر فأخبر به فعجل فخرج إليه فعانقه وقال: ما جاء بك يا أبا أيوب؟. فقال: "حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبق أحد سمعه غيري وغير عقبة بن عامر فابعث من يدلني على منزله قال: فبعث معه من يدله على منزل عقبة فأخبر عقبة به فعجل إليه فعانقه وقال: "ما جاء بك يا أبا أيوب؟ " فقال: "حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبق أحد سمعه غيري وغيرك في ستر المؤمن" قال: "نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من ستر مؤمنا في الدنيا على خزية ستره الله يوم القيامة", فقال له أبو أيوب: "صدقت", ثم انصرف أبو أيوب إلى راحلته فركبها راجعا إلى المدينة فما أدركته جائزة مسلمة بن مخلد إلا بعريش مصر"1
1 أخرجه الإمام أحمد في المسند مختصراً (4/ 153) , والرحلة للخطيب ص120.
المطهرة هذه وغيرها من الأمور الكثيرة التي يتوقف الإيمان بالقرآن وتطبيقه على الإيمان بالسنة ومعرفتها وتطبيقها والتزامها وإتباعها. قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} .
اسم الکتاب : الكتاب والسنة أثرهما ومكانتهما والضرورة إليهما في إقامة التعليم في مدارسنا المؤلف : المدخلي، ربيع بن هادي الجزء : 1 صفحة : 181