اسم الکتاب : القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع المؤلف : السخاوي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 37
النبي فخرس وجذم وبرص وعمى وأقعد فهذا مكانه ومنها نا قاله القاضي عياض نقلاً عن بعض المتكلمين في تفيير كهيعص أن الكاف كاف كفاية الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام قال الله تعالى {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} والهاء هداية له قال {وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} والياء تأييده له قال تعالى {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ} والعين عصمة له قال الله تعالى {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} والصاد صلاته عليه قال {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} الآية ومنها ما حكاه في الشفا أيضاً عن أبي بكر بن فورك أن بعض العلماء تناول قوله عليه الصلاة والسلام وجعلت قرة عيني في الصلاة أي في صلاة الله علي وملائكته وأمره الأمة بذلك إلى يوم القيامة فتكون الألف واللام على هذا واقعة على معهود الشرعية المعهودة لما فيها من المناجاة وكشف المعارج وشرح الصدر والله أعلم ومنها ما ذكره الواحدي عن الأصمعي قال سمعت المهدي على منبر البصرة يقول إن الله أمركم بأمر بدأفيه بنفيه وثنى بمرئكة قدسه فقال تشريفاً لنبيه وتكريماً {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ، آثره بها من بين الرسل الكرام وأتحفكم بها من بين الأنام فقابلوا نعمه بالشكر وأكصثروا من الصلاة عليه في الذكر انتهى.
وكان الخطباء سلكوا مسلكه في عادتهم الحسنة بإيراد ذلك في خطبهم ولو ذكروع تاماً لكان حسناً والله أعلم ومنها أنه عبر فيها بالله دون غيره من اسمائه أما لأنه قيل أنه اسم الله الأعظم ولم يسم به أحد غير الله سبحانه وقد فير به قوله تعالى {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} وأما لغير ذلك والله أعلم ومنها أنه عبر فيها بالنبي ولم يقل على محمد كما وقع لغيره من الأنبياء صلاة الله وسلامه عليهم كقوله {يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} و {يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا} و {يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} و {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ} و {يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} و {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ} و {يا يحي خذا يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} وأشباه هذا لما في ذلك من الفخامة والكرامة التي اختص بها عن سائر الأنبياء إشعاراً بعلو المقدار وإعلاماً بالتفضيل على سائر الرسل الأخيار ولما ذكر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مع الخليل ذكر الخليل باسمه وذكر الحبيب بلقبه فقال {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ} وهذه فضيلة عظيمة قد نوه العلماء بذكرها وشرفها وجعلها من المراتب العلية
اسم الکتاب : القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع المؤلف : السخاوي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 37