اسم الکتاب : العراق في أحاديث وآثار الفتن المؤلف : آل سلمان، مشهور الجزء : 1 صفحة : 456
كذلك» [1] .
قلت: ولا شك أن في قوله «وعدتم من حيث بدأتم» دقة متناهية؛ إذ (حيث) ظرف مكان، قال سيبويه:
«وأما (حيث) ؛ فمكان، بمنزلة قولك: هو في المكان الذي فيه زيد» [2] ، وهي مبنية «وعلّة بنائها احتياجها إلى جملة» [3] ، و «إنما احتاجت إلى جملة من جهة أن وضعها لمكان منسوب إلى نسبة، وتلك النسبة لا تحصل إلا بالجملة» [4] ، ونُسِبت في هذا الحديث إلى البدء، ففيه «حيث بدأتم» .
و (البدء) كان في المدينة، وكانوا في غُربة، وهذا ما وقع التصريح به في حديث جابر في رواية البيهقي في «الدلائل» ، فإنه لما ذكر: «يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم درهم ولا قفيز ... » ، قال في آخره ورفعه: «والذي نفسي بيده ليعودنّ الأمر كما بدأ، ليعودنّ كل إيمان إلى المدينة كما بدأ منها، حتى يكون كل إيمان بالمدينة» [5] .
وظاهر أحاديث الغربة العموم، وأن الإسلام بدأ في آحاد من الناس وقلّة، ثم سيلحقه النقص والإخلال حتى لا يبقى إلا في آحاد من الناس وقلة -أيضاً-، كما بدأ وجاء [6] .
وليس المراد ذهاب الإسلام بالكلية، قال الأوزاعي في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ» : «أما إنه ما يذهب الإسلام، ولكن [1] «شرح النووي على صحيح مسلم» (2/177) . [2] «الكتاب» (4/233) . [3] «الإيضاح في شرح المفصل» (1/509) . [4] «الإيضاح في شرح المفصل» (1/509) . [5] مضى تخريجه (ص 238) . [6] أفاده النووي في «شرح صحيح مسلم» (2/177) .
اسم الکتاب : العراق في أحاديث وآثار الفتن المؤلف : آل سلمان، مشهور الجزء : 1 صفحة : 456