وصف جامع قرطبة
من أمثال العرب: "أن الحديث لذو شجون"، وقد بدا لي أن أنقل هنا وصف مسجد قرطبة الجامع من كتاب مدينة المور في الأندلس الذي ترجمته بالعربية من أصله الإنجليزي لمؤلفه (جوزيف ماك كيب) ليرى القارئ العربي المسلم شيئاً من مجد أسلافه. وهذا نص ما قاله في وصف مسجد قرطبة:
"لم يبق من آثار قرطبة في القرون الوسطى إلا أثر واحد، وهو جامعها الذي لا يزال إلى اليوم، جميع أطفال قرطبة يسمونه مسجداً، ولولاه ما تجشم أحد عناء السفر لمشاهدة قرطبة، ولو كانت خمسة أميال منه، ولكن الناس من جميع أنحاء الدنيا يسافرون إليها ليشاهدوه.
والخلف ما لهم مفتخر
... لكن عليهم بالاحتشام
إلا إذا حيوا واتحدوا ... وارتجعوا إلى نهج الكرام
واتبعوهم في دينهم ... دين محمد بدر التمام
فالعرب مالهم معتصم ... إلا بحبله ولا التئام
والعز عنهم مبتعد ... إلا إذا اقتدوا بذا الإمام
فهو حياتهم في بدئهم ... وهو حياتهم على الدوام
وكلما اقتفوا خلافه ... فهو ضلالة وهو الحسام
صلى عليه من أرسله ... هدى ورحمة يجلو الظلام
ما غردت ضحى حمامة ... وأشرقت ذكا بعد غمام
والآل والصحاب كلهم ... أزكى صلاته مع السلام
وقد اطلع على هذه القصيدة الأديب الكبير العالم المحقق العبقري عبد الله كنون فأعجبته وأثنى عليها.
وفي الإياب من هذه الرحلة عرجنا على قرطبة وزرنا مسجدها، فاعتراني شعور فيه روعة وإجلال وإعجاب، وحزن، لا أقدر أن أصفه بلسان ولا أظن أن شخصاً له شعور إنساني يرى ذلك المسجد ولا يعتريه مثل ذلك الشعور، سواء أكان مسلماً أم غير مسلم.