اسم الکتاب : السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم المؤلف : السخاوي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 140
قال: «وانظر [1] سيرة نبينا - صلى الله عليه وسلم - وخُلقه في المال تجده قد أوتي خزائنَ الأرض ومفاتيح البلاد وأُحلّت له الغنائم، ولم تحل لنبيٍّ قبله، وفتح عليه في حياته - صلى الله عليه وسلم - بلاد الحجاز واليمن وجميع جزيرة العرب، وما دانى ذلك من الشام والعراق [2] ، وجُلِب [3] إليه من أخماسها، وجِزيتِها، وصدقاتها، ما لا يُجبى للملوك إلا بعضه، وهادته [4] جماعةٌ من ملوك الأقاليم، فما استأثر بشيءٍ منه، ولا أمسك منه درهماً، بل صرفه مَصَارفَه، وأغنى به غيرَه، وقوّى به المسلمين، وقال: «ما يسرّني أنّ لي أُحُداً ذهباً يبيت عندي منه دينارٌ، إلا ديناراً أرصِده لدَيْنٍ» [5] ، انتهى، والله الموفق.
وأيضاً فالناس مُختلفون، فمنهم من تُصلِحه الدنيا ويصلُح عليها، ولا يزدادُ بها إلا فضلاً وتواضعاً، كما نشاهده في أفرادٍ.
وقد كان قيس بن سعد الأنصاري -رضي الله عنهما- يقول: اللهم ارزقني مالاً وفِعالاً، فإنه لا يَصلح المالُ إلا بالفِعال، ولا الفِعالُ إلا بالمال، اللهم إنه لا [1] كذا في الأصل، وفي جميع النسخ والشروح: «فانظر» . [2] اليمن فتحها علي -رضي الله تعالى عنه- في سنة عشر من الهجرة، والشام فتح منها دومة الجندل فتحها عبد الرحمن، والعراق فتح منها البحرين، وقدم أهلها على النبي - صلى الله عليه وسلم - على ما فصل في السير والتواريخ، ومن لم يقف على هذا قال: إنها إنما فتحت في زمن أبي بكر -رضي الله تعالى عنه-، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوتي مفاتيحها ووعد بفتحها، وذكرت في غير ما حديث، بينتُ ذلك بتطويل في دراسة مفردة لي عن (العراق وأحاديث الفتن) ، وستنشر -إن شاء الله تعالى- قريباً. [3] كذا في الأصل، وفي سائر النسخ والشروح: «وجلبت» . [4] أي: أهدت إليه - صلى الله عليه وسلم -، وليس المراد المفاعلة، وفي نسخة «وهادته» فيما أفاد القاري. [5] أخرجه بنحوه الطيالسي (2372) ، وهناد في «الزهد» (رقم 628) ، وأحمد في «مسنده» (2/ 256 و349) ، والبخاري (2389، 6445، 7228) ، وفي «التاريخ الكبير» (1/255) ، ومسلم (991) ، وابن ماجه (4132) ، وابن حبان (6350) ، وابن جرير في «تهذيب الآثار» (رقم 408، 412، 413، 414، 434) ، والبيهقي في «الشعب» (10432) ، وفي «الدلائل» (1/338) من حديث أبي هريرة.
وادخار المال لقضاء الدَّين إحسان إلى الغريم بإعداد حقه، قاله العز في «شجرة المعارف والأحوال» (ص 247) .
اسم الکتاب : السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم المؤلف : السخاوي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 140