حكم التداوي بالخمر:
أخرج مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم مرسلا أن النبي (قال لرجلين: "أيكما أطَبّ؟ " قالا: يا رسول الله وفي الطب خير؟ قال: "أنزَلَنا الداء الذي أنزل الدواء"[1]. [1] فتح الباري ج10 ص134، نيل الأوطار ج8 س225، زاد المعاد لابن القيم ص2.
والآن فلننتقل إلى عضو آخر ذي أهمية كبرى، وهو: الكليتان.
وقبل أن نتحدث عن تأثير الخمر على الكليتين أودّ أن أذكر شيئاً عن وظيفة هذا العضو الثمين في الجسم.
ذلك أن الدم عندما يمر فيهما تعمل خلاياهما على فرزه بما أوتيت من دقة في الحساسية، فتأخذ منه المواد الضارة التي تخرج في البول، وتبقى فيه المواد المفيدة التي يحتاج إليها الجسم.
والإدمان على الخمر يسبب في الكليتين التهابا حادا أو مزمنا، وتكون نتيجته اختلال وظيفة الكلية، فينزل في البول زلال الدم، وهو مادة غذائية ثمينة يجهد الجسم نفسه في هضمها بالأمعاء ثم امتصاصها في الدم، وبدلا من أن ينتفع الجسم منها في بناء خلايا جديدة تنزل في البول فتضيع سدى، وفي الوقت نفسه تبقى في الدم بعض المواد الضارة وأخصها (البولينا) .
وهذه إذا كثرت تسبب تسمما بوليا وخيم العاقبة، هذا فضلا عما يسببه التهاب الكليتين أيضا من حدوث ورم عام بالجسم، وضعف في البصر وارتفاع في ضغط الدم مع ما ينتج عن هذه الأعراض نفسها من أخطاء.. انتهى.
هذه صورة جلية واضحة لبعض أضرار الخمر التي بينها لنا أحد رجال الطب العباقرة، الذي لمسها عن تجربة من الواقع العملي والتحليلي لصرعى أم الخبائث.
ويصر بعض الناس مع علمهم بحرمتها وأضرارها على تناولها؛ يقتلون أنفسهم بأيديهم، ويلقون بها في التهلكة دنيا وأخرى، دون خوف أو حياء من الذي يعلم السر وأخفى.
ويتضح لنا مما تقدم حكمة تحريم الخمر، وأن الله تبارك وتعالى لم يحرم شيئاً إلا لما يحتوي عليه من أضرار بالغة تؤدي بحياة الإنسان وكرامته.