اختلف الفقهاء قديماً وقلًّ اختلافُهم حديثاً بخصوص المطالع، فذهب عكرمة والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله بن عمر وإسحق بن راهُويه إلى عدم وجوب صيام أهل بلد برؤية أهل بلد آخر للهلال. وقد حكاه الترمذي عن أهل العلم، ولم يحكِ سواه، وحكاه الماوَرْدي وجهاً في مذهب الشافعي. وذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد والليث بن سعد إلى أن الهلال إذا رُؤي ببلد لزم أهل جميع البلاد الصومُ، وحكاه ابن المنذر عن أكثر الفقهاء، وبه قال بعض الشافعية. واختلف الشافعية فيما ذهبوا إليه: فإنهم قالوا: إذا تقارب البَلَدان فحكمُهما حكمُ البلدِ الواحد، وإن تباعدا فوجهان: أصحُّهما عند الشيخ أبي حامد والشيخ أبي إسحق والغزالي والأكثرين: أنه لا يجب الصوم على أهل البلد الآخر والثاني الوجوب وإليه ذهب القاضي أبو الطيب والروياني - قال محمد بن المنذر: إنه ظاهر المذهب، واختاره جميع أصحابنا، وحكاه البغوي عن الشافعي نفسه –. وهؤلاء اختلفوا في التقارب، والتباعد على آراء: فمنهم من فرض التباعد أن تختلف المطالع كالحجاز والعراق وخراسان، والتقارب أن لا تختلف المطالع كبغداد والكوفة والري وقزوين، ومنهم من قال: اعتباره باتحاد الأقاليم واختلافها. وقال آخرون أقوالاً أخرى لا حاجة لإيرادها.