6- إضافةً للآثار المروية عن عدد كبير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أشرت إلى ذلك، مما جاء عند ابن المنذر وعبد الرزاق وابن أبي شيبة، يقولون: زكاة الفطر نصف صاعٍ من قمح، أو مُدَّانِ منه.
وبالنظر في أدلة الفريق الأول، نجد أن الحديث الثالث قد رواه ابن سيرين عن ابن عباس رضي الله عنه، والمعلوم أن ابن سيرين لم يسمع من ابن عباس شيئاً، فصار الحديث منقطعاً ضعيفاً، قال أحمد وعلي بن المَديني ويحيى بن معين والبيهقي: محمد بن سيرين لم يسمع من ابن عباس شيئاً. فيُرَدُّ هذا الحديث.
…وأما الحديث الرابع الذي رواه الحاكم ففي رواته سليمان بن أرقم، قال عنه أحمد: سليمان بن أرقم ليس بشيء. وقال ابن معين: ليس بشيء ليس يسوى فلساً. وقال البخاري وأبو داود: تركوه. وقال أبو حاتم والترمذي: متروك الحديث. فيرد الحديث. فيبقى عندهم حديثان صحيحان: حديث أبي سعيد وحديث ابن عمر. أما حديث أبي سعيد فقد جاء فيه (صاعاً من طعام، أو صاعاً من أَقِط، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من زبيب) ولا حجة فيه على ما يقولون:
فأولاً: لم يرد فيه لفظ القمح أو البُر أو الحنطة مطلقاً، ولم يرد فيه من شبهةِ دليلٍ عندهم إلا قوله (صاعاً من طعام) قائلين إن الطعام إذا أطلق فإنما معناه القمح. فنجيبهم بأنا لا نسلِّم بأن لفظة الطعام إذا أُطلقت فإن معناها القمح، وذلك أن التمر والشعير والزبيب والأقط وغيرها تدخل تحت هذه اللفظة، فلا مبرِّر لقصرها على القمح.