5- عن عروة {أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أخبرته أنها كانت تُخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهلها الحرِّ منهم، والمملوك مُدَّين من حنطة، أو صاعاً من تمر بالمد، أو بالصاع الذي يتبايعون به} رواه الطحاوي (2/43) . والدلالةُ واضحة وقوية.
ويبقى السؤال: هل يُشترط في المُخْرِج للزكاة أن يكون غنياً، أم تجب الزكاة على كل مسلم فقير وغني وما حدُّ الغِنى عند مَن يُوجبونه؟ قال أبو حنيفة وأصحابه: يشترط في المخرج للزكاة أن يكون غنياً غنىً شرعياً. وقال مالك والشافعي وأحمد وإسحق وعطاء: يشترط فيه أن يكون مالكاً لقوت يومٍ وليلة.
أبو حنيفة وأصحابه قاسوا زكاة الفطر على الزكاة، فأوجبوا في المخرج لزكاة الفطر ما يجب في المخرج للزكاة من وجود الغِنى ومِلك النِّصاب. أما مالك والشافعي وأحمد بن حنبل فقد اعتمدوا على حديث سهل بن الحنظلية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ... إنه من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم، قالوا: يا رسول الله وما يُغنيه؟ قال: ما يُغَدِّيه أو يُعَشِّيه} رواه أحمد (17775) وابن حِبَّان ورواه أبو داود (1629) بلفظ {قدر ما يُغَدِّيه ويُعَشِّيه} بالواو، وليس بـ أو. فقالوا: يشترط فيه أن يكون مالكاً لقوت يوم وليلة.
…والحق أن الجميع قد جانبهم الصواب، أما أبو حنيفة وأصحابه فإن حديث أبي هريرة الذي رواه الطحاوي المار في صدر هذا البحث يرد عليهم قولهم، فقد جاء فيه (زكاة الفطر عن كل حرٍّ وعبد، ذكرٍ أو أنثى، صغيرٍ أو كبير، غنيٍّ أو فقيرٍ ... ) ، وهو حديث صحيح لا تجوز مخالفته إلى حكم عقلي أو قياسي، إذ لا اجتهاد في موضع النص كما هو معلوم، فالفقير هو ممن يجب عليهم أن يُخرجوا زكاة الفطر بالنص، فلا مُسوِّغ لقياسه على مخرج الزكاة.