أما وقت وجوبها، فيبدأ عند غروب شمس آخر أيام رمضان، أو عند بدء ليلة الفطر، ذلك أن هذه الزكاة هي زكاة الفطر والفطر يبدأ عند انتهاء الصيام، والصيام ينتهي عندما تغرب شمس آخر أيام رمضان. وممن قال بهذا مالك في رواية عنه، والشافعي وأحمد والثوري وإسحق بن راهُويه. وهو الصحيح الذي يتعين القول به، والعمل به، خلافاً لأبي حنيفة والليث بن سعد وأبي ثور ومالك في الرواية الأخرى عنه القائلين بأن وقت الوجوب يبدأ عند طلوع فجر يوم العيد، بدعوى أن الفطر لا يظهر إلا آنذاك، وأن الفطر لا يظهر في الليل لأنه ليس وقتاً للصوم. فأقول ما يلي:
إن هذا الأمر لمن الوضوح والبيان بحيث لا يلزم الخلاف حوله، فنحن نصوم شهر رمضان عند بدء الشهر ونفطر عند انصرامه، وانصرام الشهر أيٍّ شهر يحصل عند غروب شمس آخر نهار منه، فنحن معشرَ المسلمين قد درجنا على اعتبار أن اليوم، أيَّ يومٍ، يبدأ بغروب شمس النهار الذي يسبقه بمعنى أننا نعتبر الليل يسبق النهار في حساب الأيام، فيوم الجمعة مثلاً يبدأ عند غروب شمس نهار الخميس، فعندما تغرب شمس نهار الخميس يبدأ يوم الجمعة، ولا يُعتدُّ بقول من يخالف هذا الحساب. وعلى ذلك فإن شهر رمضان إذا انصرم آخرُ نهارٍ فيه بغروب شمسه فقد انصرم الشهر، ودخل شهر شوال، وهو بدء الفطر، ولذلك لا تُصلَّى صلاة التراويح في تلك الليلة، لأنها ليست من رمضان، وبذلك يظهر أن الفطر الذي هو سبب الزكاة قد حصل عند غروب شمس آخر نهار من رمضان.