5- عن ابن عمر رضي الله عنه {أن عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كنت نذرتُ في الجاهلية أن اعتكف ليلةً في المسجد الحرام؟ قال: أَوْفِ بنذرك} رواه البخاري (2032) والنَّسائي وأبو داود والدارَقُطني. ووقع عند البخاري في رواية ثانية من طريقه (2042) بلفظ { ... فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أَوْف نذرَكَ، فاعتكف ليلة} .
يتضح من هذه النصوص ما قلناه في صدر البحث من أن الاعتكاف يصح في أي يوم على مدار العام، وأن ما ورد في النصوص من حصول الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان فإنما جاء على سبيل الندب والأفضلية ليس غير وذلك أن الحديث الثاني والحديث الثالث قد ذكرا غير العشر الأواخر، ففي الحديث الثاني جاء ذكر عشرين يوماً، وفي الحديث الثالث جاء ذكر العشر الأول والعشر الثاني، ثم العشر الأخير، ولكن الحديث الرابع جاء أوضحها من حيث الدلالة على جواز الاعتكاف في غير العشر الأواخر بل في غير رمضان، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام قد اعتكف في شوال على اختلافٍ بين الروايات، فروايةٌ تذكر العشر الأُوَل وأخرى تذكر العشر الأواخر، وكلا الروايتين تدلُ على أَنَّ الاعتكاف يجوز في غير رمضان. أما الحديث الخامس فهو أكثر النصوص إطلاقاً، إذ هو لم يقيد الاعتكاف بأي زمنٍ، مما يدل دلالة أكيدة على جواز الاعتكاف في أي يوم من أيام السنة.
…ولكنني أعود وأقول إن الاعتكاف في رمضان هو أفضل منه في غيره، وإن الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان هو أفضل منه في غيرها.
…أما أفضلية الاعتكاف في العشر الأواخر فإنما هي من أجل التماس ليلة القدر فيها وما يناله المسلم إذا وفقه الله في طلبها والتماسها من فضل لا يعدله فضل.
متى يبدأُ الاعتكاف؟
ونعني به الساعة التي يدخل فيها المعتكِف مُعْتَكَفَه لا يبرحه.